عبد القادر عزوز يودّع الريشة والألوان
آصف إبراهيم
بعد رحلة طويلة مع الريشة والألوان، يغيّب الموت الفنان التشكيلي عبد القادر عزوز، عن عمر ناهز السادسة والسبعين عاماً، قضى أكثر من نصفها منقباً في خفايا النفس البشرية التي جسّدها بأسلوبه المتفرد والمتجدّد دائماً، حيث كان شغفه الأساس الهمّ الإنساني، فواكب الصيرورة التي يخضع لها الإنسان وترسم على ملامحه انفعالات، يجد فيه الفنان الراحل غوايته المحبّبة، التي كادت أن تؤطر تجربته الغنية لولا أنه كان يتدارك التقوقع في مواضيع متكررة تحدّ من توقه الدائم للتجديد، فكانت الطبيعة بكل مفرداتها الجمالية التسجيلية والصامتة فضاء رحيباً يثبت فيه عزوز قدرته على الخلق والإبداع والتفرد.
ميزة عزوز اعتماده في غالبية أعماله على الثنائيات: رجل وامرأة عاشقان، والأم والأخت ضمن المفهوم ذاته، تناولها بأسلوبه وطريقته وألوانه وتشكيله وتحويره، وفق رؤيته ومفهومه الفكري والاجتماعي المتحرّر من قيود العادات والمعتقدات المتوارثة، واستقصاء العلاقة بين السلبي والإيجابي، وبين الرجال والنساء، وبين السخونة والبرودة، وغيرها من الأضداد.
تستحضر أعمال عزوز جمال وحميمية المنزل والطبيعة والعلاقات الإنسانية، مستخدماً ألواناً ترابية وتعبيرية أحياناً، تُقدّم أعماله التشخيصية مجموعات من الأفراد الواقفين معاً أو شخصين متعانقين أو مَشاهِد سردية، كما يرسم مشاهد حضرية هندسية مزدحمة، وبنسبة أقل مَشاهد ريفية تنضح بالسكينة يوظّف فيها دائماً أسلوبه المميز.
حضور الراحل في معظم المعارض الجماعية التي كانت تُقام في صالة اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص “صبحي شعيب”، ومواكبته الشخصية المحبّبة، كانت تترك أثراً لدى عشاق الفن التشكيلي حيث “الكاريزما” الخاصة به تطغى على المكان.
وُلد عزّوز في حمص عام 1947، وتخرّج من كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 1971، شاركت أعماله في معارض متعدّدة في معظم أرجاء الوطن الذي عشقه، وأرخى بظلاله على معظم أعماله، كما كان حضوره الخارجي غنياً في السويد والجزائر ولبنان والأردن والإمارات، ولوحاته مقتناة من قبل المتحف الوطني في دمشق، ووزارة الثقافة السورية، ووزارة الثقافة الأردنية، ودار الندوة في بيروت، كما عرض بعض أعماله في بينالي الشارقة الدولي، كذلك ضمن مجموعات خاصة في العالم العربي وأوروبا.