سندان ومطرقة!!
معن الغادري
لم يعد مفاجئاً أن نصحو كل يوم على نشرات أسعار جديدة، سواء أكانت صادرة عن حماية المستهلك أو عن كبار وصغار التجار، إذ أصبح هذا المشهد اليومي واللحظي اعتيادياً، تأقلم معه المواطن المنكوب أو المأزوم لا فرق، دون أي تذمر أو تأفف؛ بل على العكس انخفاض الأسعار، أو على الأقل ثباتها ولو لحين، هو ما بات يقلق المواطن الذي أثبت أنه أكثر ثباتاً وذكاء في التعامل مع أي مستجد أو طارىء.
ولسنا هنا في معرض الاستخفاف بتداعيات الأزمات المعيشية اليومية المتسارعة على المواطن، ولكن الواضح أن الفريق الاقتصادي الحكومي، والذي يستعد لجولة جديدة من مشوار رفع الأسعار، منفصل تماماً عما يعانيه المواطن من ضيق الحال وذات اليد، فمن غير المقبول أن تتدرج الأسعار صعوداً وعلى هذا النحو المقلق، دون أن تكون هناك حلول مساعدة لتمكين المواطن من مواجهة إعصار الأسعار وجشع وغش وفساد المتحكمين بالأسواق، وهو أمر على غاية وقدر كبير من الأهمية، ويستدعي الكثير من المتابعة والرقابة الصارمة لضبط حالة الانفلات غير المسبوقة التي تشهدها الأسواق، فالكل يغني على ليلاه دون أي ضابط أو رقيب وعلى عينك يا تاجر. وهذا برأي الكثيرين أشد قسوة وضرراً على المواطن من مفاعيل أي زيادة على الأسعار صادرة عن الحكومة.
وبتفصيل وتفسير أكثر مرونة وسهولة، نجد أن شكوى الصناعي المنتج، والتاجر المصدر والمورد، من ارتفاع أسعار مدخلات الانتاج والضرائب والنقل وغيرها، وسعيه الدؤوب، والحاحه المستمر على كسب المزيد من عطايا ومزايا القرارات الحكومية، تحت بند دعم المنتج الوطني، باعتباره الحل الوحيد للتخفيف من حدة الأزمات الاقتصادية والمعيشية، باتا يشكلان أساس المشكلة وعقدة العقد، فكلما زاد الدعم الحكومي لهذين القطاعين ارتفعت حدة الأسعار مجدداً، و”كأنك يا أبا زيد ما غزيت”!!
خلاصة القول: يتضح جلياً، وبالنظر إلى مجمل المقاربات و التجارب السابقة والحالية، أنه ما زال هناك فواصل وحواجز مانعة من إحداث أي فارق في خريطة العمل والانتاج. وضمن هذه المعادلة، والتي تبدو أنها عصية على الحل، تبقى كلمة الفصل للمنتج والتاجر اللذين يبحثان عن أقصر وأسهل الطرق لتحقيق المزيد من المكاسب و الأرباح، سواء رضيت الحكومة أم لم ترض، فالكل يرمي بثقله على المواطن الذي يجد نفسه – بلا أي خيار آخر – بين سندان رفع الأسعار ومطرقة التاجر الذي لا يرحم.