رغم أهمّيتها.. المشروعات الصغيرة تعاني ضعف الدعم الحكومي
دمشق – رحاب رجب
لا شكّ أن منشآت المشاريع الصغيرة تؤدّي دوراً بارزاً في عملية التنمية الاقتصادية، لا تقلّ أهميته عن دور منشآت الأعمال الكبيرة، فلكل منهما أنشطة اقتصادية محدّدة لا تستطيع الأخرى القيام بها، ولذلك تتخصّص منشآت الأعمال الصغيرة بأنشطة اقتصادية معيّنة تلائم طبيعتها وتؤدّيها بدرجة عالية من الكفاءة، لذلك هدفت الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات من خلال تنسيق وإدارة الموارد المالية والإمكانات المتاحة إلى تفعيل مناخ التشغيل وتنشيطه ومواجهة التغيّرات الطارئة المتعلقة بنسب البطالة، ونشر ثقافة المبادرة في مجال مشروعات الأعمال وثقافة العمل بالقطاع الخاص، ما يساهم في دعم عملية التنمية المحلية وتحسين المستوى المعيشي للفئات المستهدفة.
وهنا يأتي دور برامج التدريب الهادفة إلى تكييف قدرات طالبي العمل مع متطلبات سوق العمل، حيث تقدّم الهيئة الدعم اللازم للراغبين والقادرين على إنشاء مشاريعهم الخاصة من خلال إقامة مشروعاتهم التي تؤدي بدورها إلى المساهمة في عملية الإدماج الاقتصادي في المناطق الأكثر فقرا وإحداث موارد معيشية.
نورس، صاحب ورشة صغيرة لصناعة المخللات، أشار إلى الصعوبات الكثيرة التي تكتنف المهنة، كتأمين المواد الأولية الداخلة في الصناعة، وصعوبة الوصول إلى الأسواق، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل عام، وخاصة المحروقات التي يؤثّر ارتفاعها المتكرّر في الارتفاع المتواصل للمنتج النهائي، الأمر الذي يضعف قدرته على المنافسة.
ولفت نورس إلى أن هناك صعوبات تتعلّق بالضريبة العالية التي تفرضها وزارة المالية على الأرباح، مؤكّداً أن الضريبة لا تلحظ مطلقاً الأرباح الحقيقية التي تتأثّر سلباً بمجموعة غير منتهية من العوامل التي تؤدّي إلى تقليصها على الأرض، حيث لا توجد قناعة فعلاً بتضخّم تكاليف الإنتاج، في الوقت الذي تعاني فيه المنتجات نوعاً من الكساد نتيجة ضعف القدرة الشرائية بشكل عام.
الخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة أكد أن الاقتصاد السوري يمكن أن ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول هو الاقتصاد المنظّم وفق بيانات واضحة تعتمد عليها الحكومة في إعداد قاعدة بيانات، وهو اقتصاد مسيطرٌ عليه وتسهل مراقبته. وأشار حبزة إلى اقتصاد آخر هو اقتصاد الظلّ الذي يمارسه كثير من الأفراد لسهولة التعامل به وعدم خضوعه للرقابة الحكومية، وهذا يمثل نسبة كبيرة من العاملين والإنتاج الذي يرفد سوق العمل. أما النوع الثالث، فهو المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لجأت إليها الحكومة منذ وقت طويل نسبيّاً، محاولة من خلالها تأمين فرص عمل ودخل للمواطنين بالاعتماد على الأسر والبيوت والورشات الصغيرة، وذلك في ظل شحّ فرص العمل الحكومية والعجز عن تأمين الموارد اللازمة والمواد الأولية، غير أن هذه التجربة، وعلى الرغم ممّا تقوله الحكومة باءت بالفشل، إذ اصطدمت هذه المشاريع بالعديد من الصعوبات المتمثّلة بعدم وضوح العلاقة مع الحكومة، من حيث الدعم المادي أوّلاً، وعدم تخصيص حوامل الطاقة المدعومة والمواد الأولية اللازمة، حيث اضطرّ أصحاب المشاريع إلى تأمينها بأنفسهم وبأسعار مرتفعة تزيد تكاليف الإنتاج، في الوقت الذي عجزت فيه الحكومة عن نشر ثقافة التعامل معها في المجتمع، ولم تساهم في تسويق الإنتاج أو تخصيص أماكن عرض ثابتة لها أو عرضها في صالات البيع.
وأضاف حبزة: إن جميع الأفكار التي تُطرح في هذا الإطار لا يتمّ تبنّيها من الحكومة، وبالتالي تصطدم بعجز أصحابها عن تأمين التمويل اللازم رغم أهمّيتها، مشيراً إلى دور الحكومة المهمّ في بناء الثقة حول هذه المنتجات من خلال تسويقها وبيعها عبر منافذها وعدم الاقتصار على المعارض الموسمية أو المحدودة زمنياً.
وبدورنا نؤكّد أن مثل هذه المشروعات لو تمّ دعمها فعلاً وتبنيها بشكل مدروس ربما ساهمت كثيراً في تقليص معدّلات البطالة ورفدت الاقتصاد الكلي بموارد إضافية لا تقلّ أهمية عن المشروعات الكبيرة.