من الصخر.. فنانون يبدعون حياة
حمص- آصف إبراهيم- سمر محفوض
بمشاركة ثلاثة عشر فناناً تشكيلياً، أقام ملتقى “أورنينا” للثقافة والفنون معرض النحت الأوّل تحت عنوان “نبدع من الصخر حياة”، في القاعة الأثرية لمطرانية الروح القدس للسريان الكاثوليك في حمص القديمة، ويستمر مدة أربعة أيام.
وتبرز في هذا المعرض المحاكاة الخلاقة للكثير من اللقى والنقوش الأثرية القديمة التي تذخر بها متاحفنا ومواقعنا الأثرية، وتعيدنا إلى الجذور الحضارية المتعاقبة على هذه الأرض السورية، وبعضها ما ينطلق منها لتقديم ما هو مغاير للسائد من تشكيلات فنية حداثية كنتاجٍ لتفاعلها مع الطبيعة المحلية، وانفتاحها على الحضارتين العربية والإنسانية.
ويلتقي عدد كبير من المنحوتات والنقوش في هذا المعرض لتعبّر عن حكاية الإنسان وعراكه مع الحياة، حيث الواقع يتماهى مع الميثولوجيا في تكوين مجسمات جمالية بأساليب وخامات نحتية متنوعة، منها الصلصال والرخام والبازلت والبرونز والخشب وغيرها، جاءت لتعبّر عن مراحل تاريخية زمنية متعاقبة، وفق رؤية آنية بما تحمله من مضامين فكرية واستقرائية معاصرة أبدعها فنانون يتمتعون بمهارة التكوين والخلق.
ويأتي هذا المعرض ضمن مجموعة فعاليات ثقافية يضطلع بها الملتقى لخلق حراك ثقافي تفاعلي حضاري يضيء شمعة في ليلنا القاتم، تتنوع بين المسرح والموسيقا والمحاضرات الفكرية المتنوعة، حيث يشكل ملتقى “أورنينا”، كواحد من التجمعات الأهلية البارزة في مدينة حمص، قدوة يحتذى بها للمشاركة الإنسانية الفاعلة في إعادة ترميم الإنسان على أسس ثقافية وحضارية خلّاقة.
وأكد المطران يعقوب مراد أن الاهتمام بالإبداع ورعاية النشاطات الثقافية هي جزء من دورنا بالمجتمع المحلي، مضيفاً أن الهدف من إقامة المعرض هو التعريف بالفن السوري، وتعريف المجتمع بأهمية النحت والفن وتنوعه، أيضاً تقديم النحاتين المحليين الذين يعملون بأمانة وإخلاص لتأكيد عراقة وحضارة سورية مهد التاريخ وحاملة رسالة المحبة إلى الإنسانية جمعاء.
وفي تصريح لـ”البعث” أشار مدير الملتقى ريمون كبرون إلى أن المعرض يهدف إلى إحياء التراث التاريخي السوري عبر تقديم أعمال متقنة تحمل بصمة الفنان السوري المبدع بشتى مجالات الفنون، وقد أضافت القاعة الأثرية التي أقيم فيها المعرض طابعاً خاصاً ومميزاً للأعمال النحتية.
بدوره، أشار الفنان ناظم طراف المشارك بسبع منحوتات احتفت بموضوعات متنوعة، وحمل منحوتاته رمزية فلسفية مفادها أن الفن دعوة دائمة للحياة.
وأكد النحات ياسين رستم أن النحت التدمري هو الأقرب إلى روحه، وأعماله تدور بفلك التاريخ السوري، ويشارك بأكثر من خمسين عملاً فنياً متنوعاً بين النحت على الحجر البازلتي وتماثيل ملوك من مملكة ماري وتمثال لأورنينا وألواح طينية وفخارية تحمل كتابات مسمارية ولوحات وتماثيل تدمرية مقتبسة من الفن العموري.
ويشارك الفنان أحمد الكردي رئيس جمعية المهن التراثية في حمص، بالرسم على الزجاج والقيشاني بأنماط عدة، منها البارد والحراري والدمج، ويشير إلى أنه، مؤخراً، أدخل الرسم بالذهب، كذلك الطباعة على الزجاج هذه المهنة التراثية العريقة والتي كانت جزءاً لا يتجزأ من البيت العربي القديم، لافتاً إلى أنه يعمل حالياً على جدارية ضخمة سوف تترك أثراً مهماً في الفن البصري والجمالي للمدينة.
من جانبه، يشارك الفنان كريم دردر بمنحوتة ضوء القمر واستحضار، جسّد فيها روح المرأة السورية الخلاقة التي تمثل عشتار التجدّد والارتقاء، في إحالة رمزية للأمل وإعادة بناء ما تهدّم.
النحات الشاب محمد رستم خريج كلية الفنون الجميلة عام ٢٠٢٣، يشارك بمنحوتتين تمثلان الانتظار والقوة، مستخدماً خليطاً من البولستر والطين، كما يقدّم لوحة تمثل الشهيد خالد الأسعد.