رياضةصحيفة البعث

إلى أي مدى نجحت تجربة اللاعبين المحترفين في الدوري الممتاز؟

ناصر النجار
إذا تحدثنا عن اللاعبين المحترفين الأجانب الذين يغزون الدوري الكروي الممتاز فعلينا أولاً استحضار ذاكرتنا لنعرف كم من اللاعبين الذين تعاقدت معهم أنديتنا وكانوا عالة على فرقهم وعلى الدوري، بل إن لاعبي الدرجة الأولى يمكن أن يكون بعضهم أفضل من هؤلاء أشباه المحترفين، ولا ينطبق على كثير منهم لقب المحترف الكروي لأنهم محترفو عقود ومال فقط!
والحديث عن هذا الملف يفتح دور السماسرة في عملية البيع والشراء، وللأسف فإن السماسرة شاركوا بعض أصحاب النفوس الضعيفة في الأندية لتمرير عقود العاهات من اللاعبين.
وهذا الأمر يفتح التساؤل المحق: إما أن القائمين على الأندية جاهلين فلا يعرفون اللاعب الجيد من غيره، أو إنهم مستفيدون من هذه العقود؟
وهذا الأمر لا يسري على اللاعبين الأجانب، بل إن عقود بعض اللاعبين المحليين يشوبها ألف شائبة وترسم الكثير من علامات الاستفهام حولها، وما جعلنا نلتفت إلى هذه النقطة بالذات أن بعض اللاعبين الذين وقعوا عقوداً مغرية مع الأندية لم نرهم في الذهاب إلا لدقائق قليلة والسبب أن بعضهم مصاب أو يحمل إصابة مزمنة أو كان مقطوع النفس فلم يشارك إلا لإثبات وجوده!
لكن الغريب بموضوع التعاقدات أن الأندية لم تكن على صواب في معظمها، فنجدها تتسرع بفسخ بعض العقود دون تسوية أو براءة ذمة لتعيش في دوامة الصراع حول الحقوق مع الفيفا في مسائل اللاعبين المحترفين، أو مع اتحاد الكرة في شكوى اللاعبين المحليين، فتضطر الأندية لدفع مستحقات اللاعبين والمدربين أيضاً مع الغرامات ومصاريف المحكمة الخاصة بكرة القدم، وهذا حدث أكثر من مرة مع أنديتنا وآخرها ناديا أهلي حلب والوحدة.
ودوماَ السؤال المطروح: هل أنديتنا قادرة مالياً على تحمل عقود ومصاريف اللاعبين والمدربين الأجانب؟
إذا كانت الأندية تدفع العقود بمئات الملايين للاعبيها وقادرة على استقدام الأجانب بالعملة الصعبة، فلماذا تشتكي الفقر والعوز وتمتنع عن دفع ما عليها من مستحقات مالية سواء لاتحاد كرة القدم أو للكوادر أو اللاعبين؟

هذه الحالة تدل على سوء الإدارة، فالنادي الذي لا يملك المال غير مضطر لإجراء العقود لأنه غير مضطر للاستدانة وتحويل ناديه إلى عاجز ومديون، وهذه قصة نشم منها رائحة غير مستحبة يجب أن تجد الحلول الجذرية، فالنادي ليس ملك شخصي للإدارات وأمواله هي أموال عامة يجب صونها والحفاظ عليها بأمانة.
كل أنديتنا سعت إلى المحترفين الأجانب رغم شكواها المالية ورغم الديون الكبيرة التي تثقل كاهلها، وللأسف لم يكن المحترفون جيدون ولم يأتوا في المكان الصحيح ووجدنا بعد نهاية مرحلة كاملة أن بعضهم كان كذبة كبيرة وأن الأندية نالت صفعة أليمة من هذه الصفقات!
الفتوة تعاقد مع ماركوس جوزيف من ترينداد توباغو، كان أفضل الموجودين لكنه لم يكن اللاعب السوبر، ومع ذلك فقد غادر الفريق في جنح الظلام ودون إذن مسبق بعد أن نال كل مستحقاته المالية، وهذا الأمر يدل على سوء العمل الإداري، ومن المفترض أن تطالب إدارة النادي بحقوقها عبر قنوات الفيفا الرسمية.
جبلة الوصيف الأول تعاقد مع المصري أحمد شمس الدين، وهو لاعب أقل من عادي، حطين الوصيف الثاني تعاقد مع ديكو إبراهيم آبو من ساحل العاج واليكسس خافيير بارازا من الأرجنتين وكارلوس البيرتو بينا من المكسيك، ظهروا بمستوى مقبول وهم من أفضل المحترفين القادمين إلى الدوري.

تشرين تعاقد مع ثلاثة محترفين أولهم خودا مبايا من مالاوي وتم فسخ عقده، وأبقى النادي كلاود ايكيه من الكاميرون وادريسا تراوري من مالي وهما ليسا أفضل من لاعبينا، الطليعة تعاقد مع المهاجم التنزاني عبد اليوسف هاولي، وهو من أفضل الموجود نظراً لعدم وجود مهاجمين.
الجيش كان النادي الوحيد الذي لم يتعاقد مع أحد رغم أنه جرب بعض المحترفين وكان قراره صائباً.
الوثبة تعاقد مع الجزائري موسى الرمضاني وهو أقل من عادي ولا ينتمي إلى سمعة الجزائر الكروية.
الكرامة تعاقد مع ثلاثة محترفين عبد اللطيف ناون من بوركينا فاسو وجوزيف أوبيدياسو من نيجيريا ومواطنه عيسى كوتي، إدارة الكرامة اختارت محترفيها من صغار السن من أجل الاستفادة منهم في المواسم اللاحقة لذلك تعاقدت معهم لثلاث سنوات ومن هؤلاء عيسى كوتي البالغ من العمر 17 سنة، وهذه النقطة مهمة وهدفها انخراط المحترفين في البيئة والمناخ والتأقلم مع الأجواء والانسجام مع الفريق، وحسب مباريات الذهاب ظهروا بمستوى عادي قابل للتحسن بانتظار مرحلة الإياب لنطلق الأحكام النهائية عليهم.
أهلي حلب تعاقد مع ثلاثة محترفين وكان الدافع لهذه التعاقدات المشاركة في بطولة الاتحاد الآسيوي، اللاعبون الثلاثة لم يشكلوا أي إضافة للفريق وهم من أسوأ المحترفين الذين دخلوا الدوري، إدارة النادي فسخت عقد اللاعب الغاني أبو بكر كامارا وألحقته بالنيجيري سولين آباتا، وأبقت على النيجيري شيدوبيم شدراك ايزوغو مع العلم أنها فسخت عقده لفترة ثم أعادته.
نادي الوحدة أبقى على محترفه الغاني محمد أنس الذي تعاقد معه منذ إياب الموسم الماضي، ولم يقدم الغاني أي إضافة للفريق، لذلك كان المستغرب تجديد العقد معه، والمدرب اليوم استبعده من التشكيلة لعدم جدواه، وتعاقد النادي أيضاً مع المالي سيكو تراوري وهو ضعيف المستوى!
نادي الحرية تعاقد مع ثلاثة محترفين فسخ عقد اثنين منهم وهما المدافع أحمد آدم من موريتانيا والمهاجم إبراهيم نور الدين من غانا، وأبقى على المدافع مصطفى سال من السنغال، كما تعاقد مع المدرب المصري أحمد حافظ ثم فسخ عقده بالتراضي.
نادي الساحل جرب الجزائري ياسين بن ساسي في عدة مباريات ثم صرفه، ثم تعاقد مع الكاميروني سيلو مارتن ولم يظهر بمستوى مقبول.
الهدف من التعاقد مع اللاعبين المحترفين هو تشكيل إضافة فنية للفريق، وملء مراكز شاغرة، وعلة الكرة السورية أنها عقيمة في التسجيل، لذلك كان توجه أغلب أنديتنا للمهاجمين وللأسف لم يكونوا على قدر التمني ففشلوا في مهامهم الهجومية وللأسف فإن مهاجمي الصف الثاني في فرقنا أفضل منهم جميعاً، وأكثر اللاعبين المحترفين تسجيلاً للأهداف كان العاجي ديكو إبراهيم آبو (حطين) والتنزاني عبدول هاولي (الطليعة) والنيجيري جوزيف أوبيدياسو (الكرامة) ولكل منهم ثلاثة أهداف، وهذه الأرقام تعطينا فكرة عن مستوى المهاجمين المحترفين، لذلك لم توفق كل أنديتنا في خياراتها وللأسف لو أنها صرفت هذا المال على قطاع الشباب والناشئين كان أفضل وأفيد، ولو أنها اعتمدت على الشباب في مكان هؤلاء لكانت النتيجة أفضل وسيكتسب الشباب خبرة هم يحتاجونها.
إضافة لذلك فإن العقود مع هؤلاء اللاعبين المحترفين ليست سهلة، لأن أي إخلال في العقد سيفصل به الفيفا، فالمحترف يذهب بشكواه إلى الفيفا كما يحدث الآن مع ناديي أهلي حلب والوحدة، على عكس لاعبنا الذي يصبر على ناديه وينتظر سنوات ليأخذ جزءاً من حقوقه بالتراضي.
المفترض أن يعاد دراسة استقدام اللاعبين المحترفين وأن يضع اتحاد كرة القدم ضوابط على الأندية من أجل عدم وقوعها في شرك السماسرة حتى لا يتم هدر المال العام دون حسيب أو رقيب.