ثقافةصحيفة البعث

“يقيناً كله خير” سلسلة روائية تجول في الحرب وحكاياتها 

أمينة عباس

احتفت مؤسسة “صباء بيت الفن والأدب” في حفل كبير أقيم، مؤخراً، في مكتبة الأسد بدمشق بإطلاق سلسلتها الروائية الأولى “يقيناً كله خير” التي ضمّت ست روايات لمجموعة كتّاب شباب، جالوا في صفحاتها بين حكايات الحرب التي أرخَت بظلالها على القرى والبلدات والمدن السورية، فحضر الشهداء والجرحى والأهالي المدافعون عنها بأسمائهم الحقيقية أحياناً وبحضورهم الرمزي أو بالوقائع والأحداث التي عاشوها وعايشوها ليكونوا أبطال هذه السلسلة بلا منازع، إلى جانب التضحيات التي قدمها الجيش السوري، وأوضح محمد أديب المدير التنفيذي للمؤسسة في تصريحه للـ”البعث” أن المؤسسة تعمل على مد يد العون للشباب الموهوبين في مجالات فنية وأدبية مختلفة من خلال مشاريع وبرامج ودورات تصب في دعم المواهب الثقافية والأدبية والفنيّة، انطلاقاً من أن الهدف الأساس من وجود المؤسسة هو البحث عن المواهب السورية الشابّة التي تحتاج لداعم وجهة تمكّنها وتقويها، لتصل إلى هدفها، وإيماناً من المؤسسة بأن الشّهداء يستحقّون تسجيل بطولاتهم وتضحياتهم، كان من واجبها بذل كل الجهود لفعل ذلك، وهو أقل ما يمكن أن يقدَّم لمن ضحى بدمه في سبيل الوطن.

أيادٍ سوريّة شابة

وبيّنت آية ضاشو رئيسة القسم الأدبي في المؤسسة أن سلسلة “يقيناً كله خير” تُعنى بالمقاومة بكل تفاصيلها على أرضٍ أنهكتها الحرب، وترجمت المؤسسة هذا الفعل المقاوم فنّاً وأدباً، فأُنجزت السلسلة بدءاً من الفكرة وصولاً إلى الطباعة في ثلاثة أشهر، عمل خلالها الكتّاب المبدعون من سائر المحافظات السوريّة يداً بيد لتكون بين أيدي القراء الذين سيجدون فيها متعة السفر والتنقل على الجبهات والتقاط الأنفاس وحبسها مع كلّ بطل من أبطالها، مشيرة إلى أنه صدر عن المؤسسة سبعة وعشرون كتاباً من إصدارات المقاومة الوطنيّة، وجميعها خُطَّت بأيادٍ سوريّة شابة، حملت القلم سلاحاً للحقيقة، إلى جانب المقاتل الذي حمل السلاح دفاعاً عن القضيّة.

أدب إنساني ملتزم ومقاوم

وأشار الزميل عمر جمعة المشرف الأدبي على السلسلة إلى أن القارئ سيجد نفسه أمام ست روايات تواشجت فيها الأشكال، تنتمي إلى الأدب الإنساني الملتزم والمقاوم، ولم ينكر أن الكتّاب الشباب كانوا أمام تحدّ كبير اجتازوه بثقة ونجاح، ولاسيما أنها تجربتهم الأولى في حقل الرواية والسعي إلى إنجاز كتاب متكامل يحفظ ويحيي دماء الشهداء السوريين الأبطال من عسكريين ومدنيين، ويبقيها جزءاً من ذاكرتنا الحيّة تتوارثها الأجيال القادمة كأمانة ثبّتت وجودنا وبوابة مشرعة أمام الكتاب والأدباء الشباب لكي يتمثلوا هذه القيم ويخلدوها في الذاكرة الفردية أو الجمعية، مع إشارته إلى أن السلسلة استغرقت أكثر من ثلاثة أشهر بين كتابة وتحرير وإعداد، وصولاً إلى الإعلان عن إصدارها وإطلاقها، وأن الكتّاب كانوا خلالها في ذروة اندفاعهم وحماسهم للمساهمة في إنجاحها.

ما هو أفضل وأنضج في المستقبل

ورأى الأديب أيمن الحسن أن هذه الكتب تدلّ على أهميّة أدب المقاومة الذي يجعل المجتمع في حالة تأهب واستعداد دائمين، مؤكداً كمشرف أدبي في المؤسسة، وقد تتبع إنجاز هذه الروايات والإشراف عليها أن ما قرأه يبشر بأقلام أدبيّة ستخطّ أسماءها في المستقبل في سجل الأدب، متمنياً من الكتّاب والمبدعين الشباب أن يتمتعوا بالجرأة والصبر، فالكتابة تحتاج نفَساً طويلاً وقدرة كبيرة على البذل والعطاء، ومنوهاً بأهمية وجود مؤسسة كـ”صباء” ترعى المواهب الشابة والكتّاب الكبار الذين يجدون صعوبة كبيرة في نشر ما ينتجونه، ورأى أن وجود مثل هذه المؤسسة يدفع وتيرة العمل الأدبي الإبداعي باتجاه تقديم إنتاجات مهمة، لأن الكاتب الشاب بشكل خاص عندما يرى منتوجه صادراً ككتاب، يتشجع ويعمل على تقديم ما هو أفضل وأكثر نضجاً في المستقبل.

بين السرد الروائي والتاريخي

وعبّر الكتّاب المشاركون في السلسلة عن سعادتهم بولادة تجاربهم الروائية الأولى، خاصة وأنها تدور حول قيم الشهادة والشهيد وإعلاء ثقافة الشهادة كقيمة عليا في المجتمع، وبيَّن الكاتب جعفر خضور صاحب رواية “وغفا السرو” أن للأديب دوراً كبيراً في التأريخ للمرحلة التي يعيشها كل مجتمع، ولا سيما مجتمعنا السوري الذي تربى على الشهادة والقيم الإنسانية، مع إشارته إلى أن روايته لا تقتصر على تصوير قيمة الشهادة، إنما تقدّم للقارئ أيضاً معلومات سياسيّة وتاريخيّة من شأنها أن تعزز ثقافة الفرد من خلال تكوين الوعي الذي يجب أن يتمتّع به كل شخص لمجابهة القوى الكبرى، منوهاً بأهمية وجود مؤسسة “صباء” كجهة داعمة لمواهب شابة تحتاج إلى بيت يحتويها في ظل انعدام وجود من يرعى هذه المواهب، منوهاً بأن روايته “وغفا السرو” هي الأولى له في مجال الكتابة، وتجمع بين السرد الروائي والتاريخي، ولا تخلو من بعض الومضات التوثيقية التي تصوّر أحياناً ضراوة المعركة والحالة الإنسانية التي يعيشها قائد المعركة، مؤكداً أن من يقرأها سيتوقف عند مراحل تاريخيّة أساسيّة في حياتنا منها” كحرب تموز والحرب على سورية وتحرير جنوب لبنان، كما سيتوقف ملياً عند حدث الشهادة كحدث كبير والمدماك الحقيقي لثقافة المقاومة.

يُذكر أن السلسلة ضمت الروايات الآتية،” خاتم عقيق” لرشا الأسعد، و”طيف من ذهب” لشيماء العبد الله، و”غفا السرو” لجعفر خضور، و”عودة الروح” لآية ضاشو، و”سراج من نور” لفاطمة قاق، و”من رماد القمر” لرفاه حيدر.