مشهد العبث يجري في واشنطن
تقرير إخباري
يشير أليستر كروك، الضابط السابق في الاستخبارات البريطانية إلى أن الولايات المتحدة تعرّضت لحادث غرق هائل، حيث تحطمت المبادئ الأساسية للصهيونية في 7 تشرين الأول 2023. وكانت النتيجة ذُهاناً جماعياً في “إسرائيل”، يتكوّن من الخوف والغضب وحتى إراقة الدماء.
فقد وجدت المجتمعات ــ وما زالت تجد ــ معنى للحياة من خلال الحرب، وهذا هو ما تفعله “إسرائيل”، التي تبحث بطريقة أو بأخرى عن “معنى” جذورها التوراتية في الفوضى التي ألحقتها بغزة، وهو شغف تغذّيه “الجدران” الإقليمية التي تحيط بـ”مشروع” صهيون. وفي الوقت نفسه، الحضارة الغنية بالتاريخ “حضارة الإسلام” التي غمرت عصر النهضة الأوروبية بعلومها وطبّها وعلم الفلك والفلسفة والتصوّف تنبض بالحياة بذكريات نصف منسيّة عن “تاريخ قديم”.
وأوضح كروك أنه حتى الدول العربية في مرحلة ما بعد الحداثة تشعر بأن رياح التاريخ تتحرّك وتتساءل عن الاتجاه الذي سيهبط إليه التاريخ في نهاية المطاف، مضيفاً: إن هناك تيارين في التاريخ يتصادمان، والسبب واضح: العالم الغربي يتلاشى، ويغرق في مرحلة من البطء والانحدار، وهذه الحقيقة واضحة للجميع باستثناء مَن هم في السلطة في واشنطن. فبالنسبة لفريق البيت الأبيض، لا يوجد “تصادم”، ولا “تحدٍّ” أساسي لـ”إسرائيل”، ولا لهياكل السلطة الوطنية في أمريكا، التي يعتمد عليها “خط بيلتواي” في بقاء نمط معين من إسقاط التوجهات الصهيونية في السلطة.
وأردف: إن فريق بايدن يتظاهر بأن التحدّي الكبير لا يكمن في “ما هو عليه” في الواقع، بل في شيء يمكن “معالجته” من خلال مسرحيات ملطفة سخيفة -فقط إذا تمسّكنا بالسرد الأمريكي.
هنا، يستحضر كروك رواية توم فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز، الذي يقال: إن لديه خطّاً مباشراً مع البيت الأبيض، لهذه القصة: “الطريق الأول هو اتخاذ موقف قوي وحازم بشأن إيران، والثاني عبارة عن مبادرة دبلوماسية أميركية غير مسبوقة لتعزيز الدولة الفلسطينية، وسيتضمّن ذلك شكلاً من أشكال اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطينية منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة، لن تظهر إلى الوجود إلا بعد أن يطوّر الفلسطينيون مجموعة من المؤسسات المحدّدة وذات الصدقية، بالإضافة إلى القدرات الأمنية لضمان ذلك، وهذه الدولة قابلة للحياة ولا يمكنها أبداً أن تهدّد “إسرائيل”. ويتابع كروك التوضيح بالإشارة إلى أن ديفيد إغناطيوس، في صحيفة واشنطن بوست، يخبر بأن العقبة الرئيسية أمام فكرة الدولة الفلسطينية الكبيرة هي إنهاء عنف المستوطنين وتهجير ما يصل إلى 200 ألف إسرائيلي من الدولة الفلسطينية المستقبلية، ويفترض إغناطيوس: “إذا رفض رئيس الوزراء، فقد تتم الإطاحة بحكومته من المنافسين الذين يتبنون الصيغة الأمريكية لإنهاء الحرب”. ومن المرجّح أيضاً أن تكون هذه بداية النهاية للصهيونية.
بالمجمل، يأمل المسؤولون الأمريكيون أن تعترف “إسرائيل” في نهاية المطاف بأن الخطة الوحيدة القابلة للتطبيق هي مهمّة تدعمها الولايات المتحدة لتدريب قوات الأمن من أجل السلطة الفلسطينية “المنشطة” التي بدأ المسؤولون في وصفها بالجيش الشعبي الرواندي.
وفي النهاية، يتساءل كروك، ماذا بقي من هذه المبادرة؟ “حملة إعلامية” تقودها قطر ومصر لدفع المقاومة إلى قبول المقترحات الأمريكية بشأن اتفاق الأسرى، رغم أنهما تعلمان أن 96% من الإسرائيليين يعارضون اتفاقاً ينص على إطلاق سراح جميع الأسرى مقابل وقف القتال.
هيفاء علي