سياسة تدوير الفشل
تقرير إخباري
جاء الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة منذ عام 2021 بمجموعة من المزاعم، أو ربما الأهداف الضخمة المرسومة على الورق، والتي سرعان ما انقلبت بشكل معكوس على أرض الواقع، فقد حاولت إدارته دق إسفين في العلاقات الروسية الصينية لاحتواء القوتين، فكانت النتيجة اندلاع الحرب في أوكرانيا، مع نمو غير مسبوق في العلاقات الاقتصادية والتحالف الاستراتيجي بين موسكو وبكين، وانضمام كوريا الديمقراطية الشعبية لهذا التحالف بقوة غير مسبوقة. كما زعمت إدارة بايدن أنها تسعى لـ”التهدئة في الشرق الأوسط” من خلال البدء في إحياء الاتفاق النووي الذي أدخله رئيس أمريكا السابق دونالد ترامب في مرحلة الغيبوبة منذ عام 2018، وذلك بهدف تفرّغ أمريكا لمنافسة الصين في بحر الصين الشرقي والجنوبي، وتطويق قوة نموها السريع التي باتت تشكل خطراً على الهيمنة الأمريكية، ليحدث عكس ما هو مرسوم على أوراق بايدن في الشرق الأوسط الذي تشتعل الآن جبهاته عسكرياً وسياسياً ضد العدوان الصهيو-أمريكي والعدوان الأنغلوساكسوني، وبوضع يوصف بأنه المأزق الأكبر لإدارة بايدن التي وصفتها أوساط أمريكية وغربية بأنها “إدارة ضعيفة عاجزة عن تحقيق تصوراتها على أرض الواقع”.
أما بايدن وإدارته فهم يتهمون إيران بـ”إفشال مخططاتهم للتهدئة في المنطقة”، وبأنها “تصدّر موجات استهداف من قبل فصائل المقاومة في بلدان المنطقة ضدّ قواعدهم”، أو الإدعاء بأن الشرق الأوسط يشتعل لمجرّد أن إيران “لا تبادل الإدارة الأمريكية الرغبة في التهدئة”، وكأن تلك الإدارة وساستها يضفون صفة الـ “شرعية” على قواعدهم الاحتلالية في العراق وسورية، ويتجاهلون بشكل فجّ كل مجازر “إسرائيل” في غزة والضفة الغربية المحتلة، وما سبقه من الاحتلال، وليس أخيراً قتل المدنيين وتدمير وسحق للمنازل وقطع كل أسباب الحياة، محمّلين كل تبعات وتداعيات ذلك الوضع غير الإنساني لطهران دون أدنى مؤشر أو دليل.
إن السياسة الصهيو أمريكية في المنطقة تكرّر بعد الـ “سابع من تشرين الأول”، الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد ال ـ”11 من أيلول”، حيث يشترك الحدثين في إدعاء خطر وجودي يستوجب الانتقام والأخذ بالثأر -حتى لو من خلال قتل المدنيين والعزل- بحجة حق الـ”الدفاع عن النفس” أو “محاربة الإرهاب” أو السعي لتطبيق الـ”ديمقراطية”، ولكن بالتأكيد كما كانت النتائج هدامة على الإدارة الأمريكية التي خاضت حربين على الأقل بعد تلك الأحداث، وبدلاً من “الإنتقام” لـ3000 ضحية خسرت نحو 100 ضعف هذا العدد بين جندي مقتول ومنتحر وخسائر في الجيوش التي شاركتها في الغزو، ناهيك عن قتل ملايين الأبرياء من شعبي العراق وأفغانستان، كذلك فإن نتائج ما قامت به “إسرائيل” كانت وستكون هدامة أيضاً على الكيان الصهيوني الذي مُني حتى الآن بخسائر وضعف في التعاطف الغربي معه، ومشاعر كره له من الشارع الغربي قبل الشرقي، كما تلقى إداناتٍ، وتعرّض لتراجع سياسي ودبلوماسي على مستوى العالم وعلى جميع الصعد، لأن رد “إسرائيل” كما كان رد الإدارة الأمريكية هو ردٌّ غير أخلاقي وأحمق.
بشار محي الدين المحمد