دراساتصحيفة البعث

هل هناك قانون يفسر هذا الهيجان في العالم ؟؟

مهدي دخل الله

لا أعتقد أن العالم مّر بسنوات عجاف منذ الحرب العالمية الثانية كالتي يمر بها حالياً. كانت الإشكاليات منحصرة في بقعة جغرافية محدودة كالشرق الأوسط  عامي 1967 و 1973 , أو فيتنام  1963 – 1972, أو كمبوديا أو كوبا. وكانت أوروبا هادئة طوال خمسة عقود تقريباً. اليوم يهتز العالم كله حيث تسيطر الحروب والإرهاب بكل أشكاله في جميع الأرجاء من تايوان شرقاً حتى أوراسيا غرباً مروراً بسورية وفلسطين والعراق واليمن .

وكالعادة, تقع منطقتنا العربية في محرق المعمعة لأن هذه المنطقة تقع في منتصف العالم جيواستراتيجياً. لم تتغير هذه الحقيقة منذ جنكيز خان القادم من الشرق والاسكندر المقدوني القادم من الغرب حتى اليوم. فهل هناك قانون يفسر هذا الهيجان الكبير في العالم ؟؟..

نعم هناك قانون يحكم هذا الهيجان الذي يحدث عند كل انتقال من نظام عالمي قديم إلى آخر جديد. إنه قانون النمو غير المتوازن للدول, بمعنى أن هناك دولاً وقوى تتصاعد فيها وتيرة النمو مقابل تناقص في وتيرة نمو القوى المسيطرة على النظام الدولي السائد. ينتج عن هذا السباق آلام كبيرة نتيجة حشرجة احتضار النظام السائد وآلام ولادة النظام الجديد.

التحول الأول تاريخياً جاء بعد فقدان التوازن القائم في النظام العالمي ( 1940 – 1945 ) وهو نظام التحالف ضد النازية والفاشية. امتدت حشرجة احتضار هذا النظام وولادة نظام ثنائي القطب ثمان سنوات ( 1945 – 1953 ) . عانت البشرية من هذا الصراع حيث انقسمت أوروبا في مؤتمر بوتسدام إلى أربعة أقسام, شيوعي, وامبريالي, ومحايد, وعازل ( السويد وفنلندا ). وفي الشرق عانى الشعب الكوري من الحرب حيث انقسمت بلاده إلى قسمين متحاربين حتى اليوم .

التحول الثاني جاء في بداية التسعينات حيث مات ثنائي القطب لصالح ولادة أحادي القطب. وكالعادة عانت بعض الدول الأوروبية التقسيم ( تشيكو سلوفاكيا – الاتحاد السوفييتي – يوغسلافيا ) بل إن يوغسلافيا عاشت حرباً داخلية مدمرة ذهب ضحيتها أكثر من مليون إنسان إضافة إلى تقسيمها إلى ست دول وكسوفو.

التحول الحالي يؤكد نهاية القطب الأوحد وظهور نظام عالمي جديد تحتل فيه روسيا والصين مكاناً مؤثراً وبارزاً. الآلام تعيشها تايوان والدونباس وأكرانيا. كان من المفروض أن يتم تقسيم سورية كما تم تقسيم كوريا ويوغسلافيا, لكن التصدي البطولي للسوريين نجح في إسقاط هذه الخطة لأول مرة في تاريخ تحولات النظام الدولي.

أما القضية الفلسطينية التي تلتقي فيها كل الحروب وكل أنواع الإرهاب والعنصرية, فهي القضية التي مرت عبر هذه التحولات جميعها منذ عام 1948, حيث جاء تصدي شعبها البطولي ظاهرةً متميزةً في تاريخ الشعوب التحرري .

mahdidakhlala@gmail.com