هل يُستعاد التوازن المطلوب؟!
بشير فرزان
تتوالى حلقات رفع الغطاء المعيشي عن الفالبية العظمى من فقراء الحال، والتي باتت أمراً واقعاً تحت مسمّى “عقلنة الدعم” كما يُقال. وبغضّ النظر عن نتائج هذا النهج الاقتصادي وحالة القبول أو الرفض السائدة في الأوساط الوظيفية والشعبية، هناك العديد من القضايا التي لم تأخذ بالحسبان، بل يتمّ تغييبها بفعل فاعل، كما يُقال، كتحقيق التوازن بين الدخل والإنفاق الشهري ضمن حسابات المعادلة الجديدة التي تُبنى على الكلفة الحقيقيّة للمواد المدعومة دون تعويض الفارق الكبير والواضح في مستوى الدخل الشهري مع الأرقام الجديدة التي سنتغاضى عنها أيضاً، نظراً للظروف الاقتصادية المحكومة بالحصار والعقوبات.
وضمن الواقعية الحياتية، لا بدّ من الإصرار على شرعية السؤال حول الأداء الحكومي ككل، والإجراءات التي اتُخذت في سياق إنجاز خطوات فعلية باتجاه تحسين الواقع المعيشي، وانتشال الناس من خطر السقوط في متاهة الفقر المدقع وانعدام سبل العيش الكريم.
وهنا، لن ندخل في متاهة تغيير أشخاص أو تقييم عمل وزراء محدّدين في الحكومة خلال “أيام معدودة”، ربما، بل سندخل في عمق عمل المنظومة الحكومية التي استُضعفت إمكانياتها نتيجة الخلل في إدارة الموارد على قلّتها، وجنحت نحو سياسة التبرير بدلاً من صناعة الحلول، وأكبر مثال على ذلك تزايد الكلام الرسمي حول التكلفة الخاصة بالكثير من المواد المدعومة، ككلفة ربطة الخبز التي تتجاوز أكثر من 7500 ليرة والمواطن يشتريها بسعر 400 ليرة، وتكلفة الكهرباء التي لا يراها المواطن ولكن فواتيرها الجديدة حاضرة بأرقامها التصاعدية، والحال ذاتها بالمحروقات وغيرها، في وقت نشهد ازدياد حالات هدر المال العام الذي يقوم أساساً على الضرائب والرسوم المختلفة التي تقتصّ من جيوب أصحاب العاملين بأجر أكثر من أي شريحة أخرى.
ولا شكّ أن واقع العمل ونهج اتخاذ القرارات يعزّز فرضية غياب فكر “القدوة” الذي ساهم في انهيار منظومة العمل الوظيفي بمختلف المستويات، وأطاح بالميزات وليس بالامتيازات، وبات هناك خطابان متناقضان للمصدر الرسمي ذاته، وبأفق محدود جداً، وهذا ما برز واضحاً في التصريحات الخاصة بالحياة المعيشية وارتفاع الأسعار وجنونها غير المقبول، وفي ملامسة الإجراءات الاقتصادية لحياة الموطن بشكل مباشر، هذا عدا عن السيناريو التبشيري بالتحسّن الاقتصادي القادم دون أي خطوات حقيقية على ساحة التنفيذ، ولكن مع الاحتفاظ بمستوى اقتصادي ورفاهية عالية الجودة. فهل يُستعاد التوازن المطلوب في هذه المرحلة الحرجة اقتصادياً ومعيشياً؟!