مخاوف التجسّس المرضية الأوروبية
تقرير إخباري
ذكرت الحكومة النرويجية في تقريرها السنوي الأخير حول التحدّيات الأمنية، أن أجهزة المخابرات الصينية تعمل “في جميع أنحاء أوروبا” وأن شبكات المخابرات الصينية تشكّل تهديداً أمنياً لأوروبا. واختلقت وكالة الاستخبارات النرويجية اتهاماتٍ لا أساس لها من الصحة ضدّ الصين دون تقديم أي دليل واقعي، ما أدّى إلى تشويه سمعة الصين بشكل خبيث، وهذا الادّعاء مجرّد نسخة جديدة من نظرية “التهديد الصيني” وخدعة قديمة لتشويه سمعة الصين.
إن تقارير تقييم التهديدات السنوية المتعدّدة الصادرة عن أجهزة الأمن والاستخبارات النرويجية، مليئة بالخطابات المبتذلة لنظرية “التهديد الصيني”، وتلفيق أعداء وهميين دون أساس واقعي، كما تعكس في الأساس وعياً قوياً بالحرب الباردة في الغرب. وقد أعربت السفارة الصينية في النرويج عن استيائها الشديد ومعارضتها القوية لهذه التقارير، قائلة: “استناداً إلى عقلية الحرب الباردة والتحيّزات الأيديولوجية، فإن نشر الأكاذيب السياسية لبث الفرقة والمواجهة هو أكبر تهديد أمام تحفيز التعاون الدولي”.
تعمل بعض القوى المعادية للصين في الغرب على خلق خطاب سياسي جديد مناهض للصين، بهدف تصوير الصين على أنها معطلة ومزعزعة للنظام الدولي من حيث الإيديولوجية. وفي هذا السياق قال جاو جيان، خبير الدراسات الأوروبية في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية: بدلاً من التفكير في كيفية تحسين نفسها من خلال المنافسة العادلة والمعقولة وتطوير اقتصاداتها، تستخدم بعض الدول الغربية وسائل وأساليب أيديولوجية لتحويل التناقضات السياسية الداخلية وتضخيم وتوسيع الانقسام الأيديولوجي في المجتمع.
روّجت بعض الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة، لنظرية “التجسّس” الصينية دون أساس واقعي، الأمر الذي شكّل “قلقاً تجسّسياً” مرضياً. وفي مواجهة الوجود الصيني المتزايد في أوروبا، يربط بعض الساسة الغربيين النفوذ بأنشطة التجسّس، وتسييس جميع الأنشطة وأيديولوجيتها، بما في ذلك التجارة الاقتصادية، حتى إن بعض وسائل الإعلام تروّج بقوة لفكرة أن الصين تشكّل التهديد الأكبر. وسواء أكان الأمر يتعلق بنظرية “التهديد الصيني” أم بنظرية “التجسس” الصينية، فهو مجرد تغيير مستمر في الخطاب لإثارة قضايا الصين، ومحاولة صرف الانتباه عن الأزمات التي تواجهها أوروبا، وقد قال الأوروبيون أنفسهم: إن الغرب يواجه الآن “وضعاً أمنياً أكثر خطورة”، ومن السخافة والسخرية إلقاء اللوم على الصين عن المخاطر التي يواجهها الغرب وتصوير الصين كمنافس ومزعزع للنظام العالمي.
وفي هذا الخصوص قال شين يي، مدير معهد أبحاث حوكمة الفضاء الإلكتروني العالمي بجامعة فودان: إن هذا البيان أنموذجي للغاية لمنطق “الغرب مريض ولكنه يجعل الآخرين يتناولون الدواء”.
وقد جلب الصراع الروسي الأوكراني أزماتٍ عميقة إلى المشهد السياسي والاقتصادي الأوروبي بأكمله، لكن أوروبا في حيرة من أمرها في حل هذه الأزمات. ففي الوقت الحالي، يواجه المجتمع الأوروبي تحدّياتٍ خطيرة في سبل عيش الناس، كما أدّت سياسات الهجرة إلى تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية في أوروبا. وفي الوقت نفسه، لم يتم حل سلسلة من الأزمات الناجمة عن فشل السياسات السياسية والدبلوماسية التي تنتهجها الدول الأوروبية، ولذلك فإن بعض السياسيين المعادين للصين يشوّهون نفوذ الصين أو يبالغون فيه، على أمل تصوير الصين باعتبارها تهديداً كبيراً لأوروبا من أجل صرف الانتباه عن مشكلاتها.
عناية ناصر