بعد محاولات غير موفقة سابقاً.. القانون (3) حجر الأساس في إصلاح وتطوير القطاع العام الاقتصادي
دمشق- ميادة حسن
يواجه القطاع العام تحديات كبيرة في ظلّ المتغيّرات الحاصلة على الاقتصاد السوري وبيئة العمل والظروف المستجدة على بنية القطاع العام، والتحديات والصعوبات المتراكمة، والتي أثرت بشكل كبير على دوره الكبير كداعم أساسي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والذي أثبته خلال الحرب، وعلى الرغم من استنزاف إمكانيات هذا القطاع نتيجة الكثير من المخالفات والتصرفات غير المسؤولة من قبل المنتفعين الذين زعزعوا سمعته وثقة المجتمع به، إلا أن التاريخ يؤكد أنه كان ومازال الحامل الأساسي والضامن للحركة الاقتصادية في سورية، كما يشكّل توازناً حقيقياً مع باقي القطاعات التي تسعى إلى تحييده وإضعافه عبر مفهوم التشاركية الذي شكل غبناً للقطاع العام وحوّله إلى عكاز ليتكئ عليه.
قانون الحوكمة
لا يغفل القانون 3 لعام 2024 تنظيم إدارة أموال الدولة الخاصة لدى الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة عن طريق ممثلي الدولة في الهيئات العامة للشركات، ويكون مجلس الإدارة في الشركة مسؤولاً أمام الهيئة العامة مع إعطائه سلطات واسعة في عمله وإخضاعه لقواعد حوكمة الشركات، ويهدف القانون رقم 3 لعام 2024 ووفق ما ورد في نصه إلى الإسهام في تنمية القطاع العام الاقتصادي، من خلال تنظيم إحداث الشركات المساهمة العمومية والشركات المساهمة العمومية القابضة والشركات المشتركة، التي تدخل فيها الدولة ممثلة بالخزينة العامة أو المؤسّسات والشركات العامة في ملكية أو إدارة تلك الشركات، مع الأخذ في الحسبان معايير الحوكمة، وذلك ضماناً لتحقيق الكفاءة الإدارية والاقتصادية.
توظيف الرأسمال
ومن وجهة نظر أكاديمية، يبيّن دكتور الاقتصاد فادي عياش لـ “البعث” أنه يمكن اعتبار هذا القانون حجر الأساس في إصلاح وتطوير القطاع العام الاقتصادي بعد عدة محاولات غير موفقة لذلك سابقاً، كما يُعتبر قانوناً داعماً لقانون التشاركية رقم 5 لعام 2016 وكذلك للقانون 40 لعام 2023، حيث تُعتبر الشركات المساهمة العامة وبأشكالها المختلفة التي أقرّ إحداثها القانون 3 إحدى أهم النماذج القادرة على معالجة مشكلات القطاع العام الاقتصادي، من حيث التمويل والإدارة والرقابة والمرونة، بالإضافة إلى قدرتها الكبيرة على توظيف الرأسمال الوطني والاجتماعي في خدمة التعافي الاقتصادي، مع المحافظة على الملكية العامة، وتحقيق التشاركية مع القطاع الخاص بمختلف مكوناته للنهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية.
جذب الاستثمار
ويضيف عياش: ركز القانون على مفهوم “الحوكمة” لضمان تحقيق القانون لأهدافه في تطوير القطاع العام الاقتصادي، حيث تعرف الحوكمة بأنها “الآلية التي تساعد الشركة في الحصول على التمويل وتضمن تعظيم قيمة الشركة في الأجل الطويل، وتمثل العلاقة التعاقدية بين المساهمين وأصحاب المصالح من جهة والمديرين التنفيذيين من جهة أخرى”، فمن أهم مزايا تحقيق حوكمة الشركات، هي الإسهام في رفع مستوى كفاءة الاقتصاد، نظراً لدورها في المساعدة على استقرار الأسواق المالية ورفع مستوى الشفافية وجذب الاستثمارات من الخارج والداخل، بالإضافة إلى تقليص حجم المخاطر التي تواجه النشاط الاقتصادي، ولاسيما في الظروف الاقتصادية غير المستقرة.