أخبارصحيفة البعث

لمن يُنسب الفضل في نهاية الأزمة الأوكرانية؟

تقرير إخباري

إن السخاء الذي أظهره المشرّعون الأمريكيون بالموافقة على مساعدات عسكرية كبيرة لـ”إسرائيل” – حوالي 32 مليار دولار خلال الشهر الماضي – يتناقض بشكل صارخ مع بخلهم تجاه أوكرانيا.

وينعكس ذلك بشكل مباشر في الحالات المعنية على أرض الواقع، فبينما انسحبت القوات الأوكرانية من أفدييفكا الأسبوع الماضي، وهي بلدة رئيسية أصبحت في الأشهر الأخيرة واحدة من أكثر المعارك ضراوة على الجبهة الشرقية بسبب النقص الحاد في الذخيرة، تواصل “إسرائيل” تنفيذ قصف واسع النطاق لرفح تلك المدينة الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة التي نزح منها 1.4 مليون فلسطيني، ومن المثير للاهتمام أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يقول للكيان الصهيوني: لقد طفح الكيل، بينما كييف لا تستسلم أبداً.

إن الضغط الأخلاقي الذي يمارسه المجتمع الدولي بشأن الخسائر الفادحة في أرواح المدنيين في غزة هو الذي دفع إدارة بايدن إلى تزييف استيائها من المبالغة في “إسرائيل” ونيّتها الحقيقية هي أن تستغل حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية الفرصة التي تأتي مرة واحدة في العمر لهجمات 7 تشرين الأول بقيادة “حماس” لإنجاز الأمور بشأن القضية الفلسطينية مرة واحدة وإلى الأبد.

وهدف الولايات المتحدة هو أن تكون “إسرائيل” أقوى للمساعدة في تعويض انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط إلى حدّ ما، ولم يكن الأسرى الإسرائيليون ولا المدنيون الفلسطينيون موضع اهتمام واشنطن على الإطلاق.

ويوفر دعم الولايات المتحدة القوي لحكومة نتنياهو فرصة ذهبية للتغلب على مشكلاتها الداخلية التي كان من الممكن أن تندلع وتؤدّي إلى تنحّيها لولا الحملة الهمجية التي بدأتها تحت ذريعة الدفاع عن النفس ومكافحة الإرهاب.

وفي ضوء مماثل، من السابق لأوانه أيضاً التنبّؤ بأن يمثل انسحاب القوات الأوكرانية من أفدييفكا نقطة تحوّل في الصراع الروسي الأوكراني، حيث يمكن لكييف استخدامه كوسيلة ضغط لدفع المشرّعين الأمريكيين إلى إعطاء الضوء الأخضر للمزيد من المساعدات، ولا عجب أن يربط بايدن الانسحاب الأوكراني من أفدييفكا وبشكل مباشر بعدم موافقة الكونغرس الأمريكي على مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا، وذلك سعياً منه لتحقيق أقصى استفادة من الحادثة لتمرير مسؤولية المستنقع الأوكراني إلى الجمهوريين.

ولكن في الواقع، لا يرغب الجمهوريون ولا الديمقراطيون في رؤية نهاية سريعة للأزمة الأوكرانية، حيث يريدون أن يُنسب لهم الفضل في هندسة نهاية للأزمة في ظل حكومتهم بعد فوزهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ومع ذلك، وإلى أن تعتقد واشنطن أن القيمة السياسية لأزمتي غزة وأوكرانيا قد استنفدت، لن يكون لأيّ منهما نهاية سريعة.

عائدة أسعد