بيت القصيد!
وائل علي
أن تنتصر النقابات والمنظمات والاتحادات وتنحاز لصون حقوق أعضائها وتأمين المزيد من المكتسبات فهي من المسلمات التي لا يختلف أحد عليها، لكن أن يتوقف الأمر عند هذا الحد على قاعدة “وكفى الله المؤمنين شر القتال”، فهو تقصير غير مبرر، أو ربما تهرب من تحمل المسؤوليات الجسام والتصدي لها، سيما أن خزائن غالبيتها متخمة بالأرصدة والأموال المجمدة، فالقضية والمهمة أكبر من تعويض صحي أو مكافأة أو معاش تقاعدي أو دعوة مأجورة للمشاركة بحفل ترفيهي أو تكريمي، أو القيام برحلة استجمام صيفية، أو قضاء عطلة نهاية الأسبوع لتناول وجبة غداء في مطعم، لتتخطاه لأبعد من ذلك وصولا لجرأة الدخول في حيز توظيف واستثمار أموالها – التي تهدد معدلات التضخم المتسارعة بقضمها وابتلاعها، يوما إثر آخر – في مشروعات استثمارية انتاجية كبرى حتى لا ينكفىء الدور ويتقلص ليقف عند عتبة الواجبات البسيطة والمطالبات الروتينية المعتادة…!
والسؤال: ما الذي يحول ويمنع أن تتولى المؤسسات النقابية ومنظماتنا واتحاداتنا الغنية، مالاً وخبرة وأدمغة وقدرات وكوادر، من اقتحام مضمار الاستثمار، بما في ذلك المشروعات الصغيرة الفردية المختلفة، والمبادرة لتسويق المنتجات والمحاصيل وإشادة المصانع والمشافي وتنفيذ المشاريع العملاقة، وإنشاء شركات النقل والتسويق، وإبرام عقود التوريد والتصدير من خلال العلاقات التي يفترض أنها نسجتها وتنسجها مع مثيلاتها لدى الدول الحليفة والصديقة، بدل انتظار الدولة ومؤسساتها الحكومية التي تعاني اليوم ما تعاني، ولدينا العديد من التجارب الاستثمارية الناجحة التي تمكنت في مرحلة سابقة من تنفيذ مشروعات ناجحة، ولا تزال قائمة، وإن كان معظمها لم يخرج عن إطار الاستثمار السياحي والفندقي والترفيهي والعقاري مع استثناءات قليلة، لتبقى خارطة المشاريع الاستثمارية الانتاجية الكبرى غائبة عن أجنداتها!
وهنا بيت القصيد الذي يدفعنا للبحث عن الأسباب والعوائق التي تحول دون الانخراط في مشاريع انتاجية قادرة على تحقيق ريعية اقتصادية لا يستهان بها على كل المستويات وتؤسس لاقتصاد قوي متين!
وإذا كانت المشكلة في القوانين والأنظمة فلنعدلها ولنطلق العنان لجموح الأحصنة المترنحة بعيداً عن تهيب صعود الجبال والعيش بين الحفر..!