دراساتصحيفة البعث

كتاب الصين الأبيض “الإطار القانوني والتدابير الصينية لمكافحة الإرهاب”

عناية ناصر

أصدر مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني كتاباً أبيض بعنوان “الإطار القانوني والتدابير الصينية لمكافحة الإرهاب”، في كانون الثاني عام 2024 يشرح بشكل شامل ومنهجي الإطار القانوني والتدابير الصينية لمكافحة الإرهاب.

جاء في الكتاب أن الإرهاب هو العدو المشترك للإنسانية، ويشكل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين، كما ويمثل تحدياً لجميع البلدان وللإنسانية جمعاء، ويتقاسم جميع أعضاء المجتمع الدولي المسؤولية عن محاربته. وبناء على ذلك قادت الأمم المتحدة على مدى العقود الماضية عملية إنشاء الاتفاقيات ذات الصلة وغيرها من الصكوك، وتنسيق جهود الدول الأعضاء في جهودها المشتركة لمكافحة الإرهاب، وإخضاع هذه الجهود لسيادة القانون. واستجابة لدعوتها، أوفت العديد من الدول بنشاط بالتزاماتها الدولية من خلال وضع وإنفاذ قوانين محلية لمكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الدولي ضد الإرهاب. ومن خلال الجهود المتواصلة، أنشأ المجتمع الدولي تدريجياً إطاراً متعدد المستويات للصكوك القانونية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية، والمعاهدات والاتفاقات متعددة الأطراف والثنائية، والقوانين المحلية.

وبوصفها ضحية للإرهاب، تواجه الصين منذ فترة طويلة تهديداً حقيقياً، وكانت دائماً تعلق أهمية كبيرة على جهود مكافحة الإرهاب القائمة على القانون .وقد تراكمت لديها الخبرة من خلال إبرام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية أو الانضمام إليها وتعديل وتحسين القوانين الجنائية. سعت الصين في مواجهة التطورات الجديدة في الإرهاب الدولي والمحلي، أولاً إلى اكتساب فهم أعمق لمكافحة الإرهاب القائم على القانون، وتلخيص ديناميكياته الأساسية، وتحديد التدابير المضادة المناسبة.  وبالاعتماد على الخبرة الأجنبية، صاغت الصين قوانين مكافحة الإرهاب، وحسنت الإطار القانوني، وطبقت هذه القوانين بشكل متسق، وقد وفرت هذه الضمانات القانونية لجهود الصين المكثفة في مكافحة الإرهاب.

لقد وجدت الصين طريقاً لمكافحة الإرهاب القائم على القانون والذي يتوافق مع واقعها من خلال إنشاء إطار قانوني سليم، وتعزيز إنفاذ القانون بشكل صارم وغير متحيز وقائم على الإجراءات، وضمان الإدارة غير المتحيزة للعدالة والحماية الفعالة لحقوق الإنسان. وحافظت  الصين أيضاً على الأمن الوطني والعام، وحماية أرواح الناس وممتلكاتهم، وساهمت في الأمن والاستقرار العالميين والإقليميين.

ومن أجل تحسين إطار قانوني محلي لمكافحة الإرهاب، انضمت الصين أو صدقت على عدد من الاتفاقيات منذ أواخر السبعينيات، بما في ذلك الاتفاقية المتعلقة بالجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات، واتفاقية مكافحة الجرائم الإرهابية،  واتفاقية توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي.  وفي ضوء ظروفها الوطنية، واتباعاً للمبادئ الدستورية، استفادت الصين من الخبرة المفيدة من المجتمع الدولي وسّرعت جهودها لبناء إطار قانوني محلي لمكافحة الإرهاب منذ التسعينيات.

يرى المجتمع الدولي الإرهاب باعتباره جريمة جنائية خطيرة، وبالتالي فهو هدف بارز للقوانين الجنائية في جميع البلدان.  وفي هذا الإطار قام المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في آذار 1997، بتعديل القانون الجنائي، مضيفاً جرائم تشكيل أو قيادة أو المشاركة في منظمة إرهابية، وتشديد العقوبات على جرائم الإرهاب.

وبعد هجمات 11 أيلول عام 2001، اعتمدت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني التعديل الثالث للقانون الجنائي، والذي يتكون من ثمانية تعديلات وإضافات لتحسين وتوضيح الأحكام المتعلقة بالأنشطة الإرهابية، وتتعلق إحدى الإضافات بجريمة تمويل الإرهاب . وكان هذا جزءاً من جهود الصين لتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1373. وفي حزيران 2006، اعتمدت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني التعديل السادس للقانون الجنائي، واستجابة للتطورات والقضايا الجديدة في جريمة الإرهاب، اعتمدت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في آب 2015 التعديل التاسع للقانون الجنائي، مضيفة إليه جرائم التحضير للأنشطة الإرهابية، والدعوة إلى الإرهاب والتطرف، والتحريض على الإرهاب، واستخدام التطرف لتقويض إنفاذ القانون، مع توضيح التهم والعقوبات ذات الصلة.

ومن أجل تعزيز مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وحماية حياة الناس وممتلكاتهم، اعتمدت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني في تشرين الأول 2011 القرار بشأن القضايا المتعلقة بتعزيز أعمال مكافحة الإرهاب، والذي يحدد مفهوم الإرهاب، وهو الهيئة الرائدة في الدولة لمكافحة الإرهاب، وواجباتها، وتحديد المنظمات والأفراد الإرهابيين، ونشر قوائم بأسماء هذه المنظمات والأفراد، ومبادئ التعاون الدولي.  وقد أرسى هذا أساساً متيناً للتشريعات اللاحقة.

لقد بذلت الصين جهوداً متواصلة لرفع مستوى أحكام مكافحة الإرهاب في اللوائح الإدارية ذات الصلة لتلبية الاحتياجات العملية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الهيئات الإدارية ذات الصلة، وتحديد مسؤوليات جميع الأطراف.

يقدم قانون مكافحة الإرهاب الصيني تعريفات ملموسة ودقيقة للإرهاب والأنشطة الإرهابية والمفاهيم ذات الصلة، بما يتوافق مع المبادئ التي تدعمها الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الصين وأبرمتها، وبما يتفق مع ممارسات الدول الأخرى.  وتلتزم وكالات إنفاذ القانون في الصين بمبدأ الشرعية في تطبيق العقوبات الإدارية وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب، وقانون العقوبات الإدارية للأمن العام، وقانون العقوبات الإدارية، والقوانين الأخرى ذات الصلة.

تحترم الصين وتحمي حقوق الإنسان كمبدأ أساسي في تحسين إطارها القانوني وممارساتها في مجال مكافحة الإرهاب، فهي يدمج معاقبة الأنشطة الإرهابية مع حماية حقوق الإنسان.  وفي التعامل مع القضايا المتعلقة بالجرائم والجرائم الإرهابية، فإنها تولي أهمية متساوية لحماية الحقوق الأساسية للمواطنين، والحفاظ على النظام الاجتماعي، وحماية حقوق الضحايا والأشخاص المعنيين وكذلك المشتبه بهم والمتهمين والمدانين. .

وفي هذا السياق نجحت الحكومة في الحد من انتشار الإرهاب، وحماية حقوق المواطنين في الحياة والصحة والممتلكات، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، مع اتخاذ إجراءات حازمة لحماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمنظمات، والحماية من التمييز على أساس المنطقة الجغرافية أو المجموعة العرقية أو الدين.

ومن أجل الحماية الفعالة لسلامة الناس والأمن القومي تواصل الصين من خلال تحقيق التوازن بين الأمن والاستقرار والتنمية الاجتماعية، زيادة قدرتها على منع الإرهاب ومكافحته والقضاء على أساسه الأيديولوجي.  وبذلك عززت الصين شعور الشعب بالأمن، ودافعت عن الأمن الوطني، وساهمت في الأمن والاستقرار الإقليميين والعالميين. .

إن جهود مكافحة الإرهاب هي ركيزة الأمن والاستقرار، فالأمن والاستقرار يتيحان التنمية، مما يؤدي بدوره إلى تعزيز الأمن والاستقرار. فمنذ عام 2014، واصلت الصين اتخاذ إجراءات صارمة ضد الإرهاب العنيف ومعاقبة المجرمين الذين خططوا لأنشطة إرهابية.

من جهة أخرى تؤيد الصين التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب، حيث قامت في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، بتسهيل صياغة وثائق مثل اتفاقية شنغهاي لمكافحة الإرهاب والانفصالية والتطرف واتفاقية الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون بشأن التعاون في الدفاع عن الحدود، وشاركت في التعاون القضائي ومكافحة الإرهاب المشتركة.

من أجل مكافحة الإرهاب يتعين على المجتمع الدولي أن يدعم الإجراءات المتنوعة القائمة على القانون، ويرفض المعايير المزدوجة، ويعارض تسييس القضايا ذات الصلة.  ومن خلال التمسك برؤية مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك، فإن الصين مستعدة للعمل بشكل وثيق مع الدول الأخرى لدفع قضية مكافحة الإرهاب كجزء من الحوكمة العالمية.  وعلى أساس المساواة والاحترام، ستشارك الصين في تبادلات واسعة النطاق وتعاون وتعلم متبادل لتسهيل الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب.