تحقيقاتصحيفة البعث

ليست الأولى… مذكرة نقابية جامعة للمطالب في عهدة رئاسة مجلس الوزراء.. وشراكة صنع القرار على محك الاستجابة واختبار الفاعلية

إلغاء الآخر وتجريده من دوره بات مسلكاً للكثيرين ممن اعتادوا على نسف الجهود المبذولة في مختلف القطاعات، حيث نسمع بين الفينة والأخرى صراخاً يخلو من العقلانية والواقعية، وينجر وراء اتهامات باطلة تجرد العمل النقابي من أية إيجابية أو إنجاز، وتقذف به إلى مرمى التقصير، والابتعاد عن القواعد، عدا العديد من محاولات الاصطياد الشخصي للقيادات النقابية، وطبعاً لسنا هنا بموقع الدفاع، بل نحاول أن نقرأ يوميات المنظمة النقابية التي تعمل جاهدة لإثبات حضورها وتواجدها الفاعل على ساحة العمل الإنتاجي في كل المواقع، بغض النظر عن الحكم بالنجاح المقترن بالكثير من الوقائع.

ولا شك في أن حقيقة تسارع خطوات العمل النقابي المبرمجة لتنفيذ خطة الاتحاد العام لنقابات العمال وبرامجه التي وضعها لاستعادة قاعدته النقابية العمالية، والقيام بدورها النقابي الاقتصادي الاجتماعي، واحتضان قضاياهم، تجاوزت مرحلة الشك والاتهام، وباتت ضمن حدود اليقين، ولن نحتاج هنا للعودة للوراء كثيراً، فالشواهد عديدة، والتي كان آخرها توزيع 15 ألف حقيبة مدرسية في كافة المحافظات، كما أنه يستعد للعرس الجماعي الذي سيقيمه في 29 الشهر الجاري، وذلك للتأكيد على تكامل دوره الاجتماعي مع الاقتصادي، والنقابي، والسياسي ضمن حاضنة المجتمع الأهلي.

وتستمر المنظمة النقابية في تقديم رؤاها وأفكارها إلى الحكومة، وذلك ضمن تشاركية متكافئة من أجل إيجاد الحلول الناجعة لكافة المشكلات المستعصية، إلى جانب جملة من المطالب العمالية التي تندرج في خانة الواقع المعيشي، والهم الاقتصادي والحياتي العام.

سلة مطالب

لقاءاتنا مع العديد من أعضاء المكتب التنفيذي في الاتحاد العام، والتي جمعتنا بهم جلسة حوار استمرت لساعة كاملة، ساعدتنا على استخلاص المطالب النقابية التي تم توجيهها إلى رئاسة مجلس الوزراء في مذكرة، والتي تناقش الواقع المعاشي الذي انخفض إلى أدنى مستوى، وأصبح الكثير من المواطنين على حافة الفقر، لذلك لابد أن تكون هناك إجراءات علاجية تتمثّل في زيادة الأجور، وبما يتناسب طرداً مع أسعار السلع، وبخاصة السلة الغذائية التي يحتاجها المواطن لتأمين الحياة الكريمة له، والتشدد في مراقبة الأسواق، وضبط الأسعار، ومحاسبة المحتكرين والمخالفين، حيث لم يلمس المواطن أي انخفاض في الأسعار، بالرغم من تحسن الظروف الأمنية، وتحسن سعر صرف الليرة، إلى جانب تخفيف الأعباء المعيشية، وذلك من خلال تخفيض أسعار حوامل الطاقة، والنقل، وتخفيض أسعار الأدوية التي ارتفعت بشكل ملحوظ.

كما انتقدت المذكرة مؤسسات التدخل الإيجابي التي لم يكن دورها فاعلاً كما كان متوقعاً، بالرغم من القرارات، والصلاحيات، والمرونة التي أعطيت لها، إلا أنها تلعب دور الوسيط بين التاجر والمستهلك، وتحقق أرباحاً على حساب المواطن!.

مطالب تتكرر

وطالب الاتحاد حسب ما أكد أعضاء المكتب التنفيذي بقضايا ملحة وبحاجة إلى المعالجة الجذرية، نظراً لتكرارها خلال السنوات السابقة، وفي مقدمتها تثبيت العمال المؤقتين الذين يعملون بعقود سنوية، ويرى الاتحاد أن هذا الإجراء لا يكلّف الخزينة أية أعباء مالية طالما أن الجهة بحاجة لهؤلاء العمال، ويؤدون أعمالهم في الجهات التي تقوم باستخدامهم، ولفت إلى تكرار هذا المطلب، وحتى الآن لم يجد طريقه إلى الحل؟!.

وطالب أيضاً بتحويل عقود العمال المياومين إلى عقود سنوية، حيث يصل عددهم إلى 13000 عامل على مستوى القطر، وإملاء الشواغر في الكثير من الجهات العامة نتيجة تسرب عدد كبير من العاملين خلال الظروف التي عاشتها سورية، أو لإحالة الكثيرين على التقاعد، ما يؤثر سلباً على الأداء في أية جهة، وعلى سبيل المثال لا الحصر: (شركة مرفأ اللاذقية وطرطوس– وشركة التوكيلات الملاحية)، حيث وصل النقص في هذه الجهات إلى 1300 عامل من الفئتين الثالثة والرابعة.

وشدد الاتحاد على إيلاء الأهمية القصوى لإصلاح القطاع العام الصناعي، وذلك بتشخيص المعوقات والعقبات التي تعترضه، وتلافيها، وتجديد آلاته، واستحداث صناعات جديدة، وتوطينها وفق المرحلة الحالية، والعمل على متابعة إصدار القوانين التي تمت مناقشتها من اللجان المختصة: (قانون العاملين– قانون العمل– قانون التنظيم النقابي).

تغطية النقص

ومن القضايا التي يطالب بها الاتحاد رفد المشافي العامة، والمراكز الصحية بالكوادر الطبية من: (أطباء– ممرضين– فنيين) نتيجة النقص الحاصل في أغلب المحافظات، وتزويد المشافي بالأجهزة الطبية اللازمة لتتمكن من أداء مهامها، وتقديم الخدمات الطبية للمواطنين: (جهاز رنين مغناطيسي للمشفى الوطني بحمص– تركيب جهاز الأشعة في مركز المعالجة الكيميائية بمشفى تشرين الجامعي باللاذقية، والموجود في الصناديق منذ أكثر من خمس سنوات، علماً بأن تركيبه لا يتطلب سوى بعض التجهيزات الكهربائية والميكانيكية).

معالجة الديون

طرح الاتحاد أنه نتيجة للظروف الطارئة التي مرت خلال السنوات السابقة، وتهجير الكثير من العمال من محافظاتهم إلى محافظات أخرى، ووضعوا أنفسهم تحت تصرف الجهات العامة في تلك المحافظات، فقد تم صرف رواتب هؤلاء العمال مركزياً دون اقتطاع نسبة اشتراكهم بالنقابة المنتسبين لها، وهذا ما حصل في ادلب للعاملين في الإدارات ذات الطابع الاقتصادي، ومع العمال في القطاع الصحي بدير الزور، وهذا الأمر يحتاج إلى معالجة من قبل الوزارات المعنية ومديرياتها، ومعالجة وضع الديون المترتبة على وزارة الكهرباء لصالح نقابة الكهرباء بالرقة.

قضايا مطلبية

دعا الاتحاد تحت عنوان الضرورة إلى تخفيض أسعار السكن العمالي، أو تخفيض الفائدة، وذلك بسبب عدم مقدرة العمال على تسديد القسط الشهري، وحل مشكلة التبريد في معمل غزل جبلة، وتقديم الدعم للشركة السورية للغزل والنسيج بحلب كونها أصبحت الآن مجمعاً للغزل والنسيج بحلب، وأشار إلى أنه تم في وزارة النقل إعداد برنامج حاسوبي للحجوزات المالية على أسماء المالكين للمركبات عند إجراء معاملات نقل الملكية لدى مديريات النقل، حيث ظهر أثناء التطبيق خلل من حيث تشابه الأسماء، ما يستدعي مراسلات كثيرة بين المحافظات لإزالة التشابه، والحصول على خلاف المقصود، وهذا قد يتطلب أياماً، وذلك بسبب النقص في قاعدة البيانات، حيث ترد التشابهات على الأسماء الثنائية، أي (الاسم والكنية)، وهنا احتمالات التشابه كبيرة جداً، وهذا ما يحتاج إلى استكمال قاعدة البيانات، وذكر (الاسم والأب والأم والكنية والرقم الوطني)، منعاً لأي التباس.

ولم يغفل الاتحاد في مذكرته التنويه إلى صدور قرار آخر بخصوص عدم قبول تسديد التأمين الإلزامي لجميع المركبات العامة والخاصة إلا بعد الحصول على براءة ذمة من فرع المرور من المحافظة المسجلة فيها المركبة، الأمر الذي خلق مشكلة بالنسبة للمواطنين، فإذا كان مواطناً يقيم في دمشق، ومركبته مسجلة في مديرية نقل حلب، سيكون مضطراً للسفر إلى حلب للحصول على براءة الذمة المشار إليها، وحين لا يستطيع الحصول عليها من مكان إقامته طالما أن هناك أتمتة، وجميع المحافظات يتم ربطها ببعضها حاسوبياً.

في الصميم

ببساطة ثقوب الغربال لن تستطيع حجب أشعة الحقيقة التي تزداد اليوم مع الشراكة الفاعلة والبناءة بين الحكومة والنقابات حضوراً في حياة الطبقة العاملة خاصة، وفي يوميات المواطن بشكل عام، حيث ستكون مجريات الأمور خلال الفترة القادمة، وما سيتم إنجازه، بمثابة الحد الفاصل بين التنظير والواقع.

بشير فرزان