طلال الغوار بأمسية شعرية موسيقية في المنتدى الثقافي العراقي
ملده شويكاني
“سحقاً لمن خان” هذا ما قاله الشاعر العراقي طلال الغوار في قصيدته “تحية للشهيد” التي حيا بها الشخصيات الرسمية وجمهوره في المنتدى الثقافي العراقي بأمسية شعرية موسيقية، تتالت بها القصائد بين الحبّ والوطن، لتلتقي جميعها بنقطة البداية، فالوطن هو الحب والحب هو الوطن.
وتحية لبغداد ودمشق شارك عدد من الشعراء السوريين والعراقيين بقصائد الفصيح والمحكي، كما أغنت الفقرات الموسيقية الأمسية بموسيقا الزمن الجميل والأغنيات الوطنية بعزف الموسيقي عدنان الحايك عازف الكمان الذي عزف مع كبار المغنين العرب والسوريين.
قصائد قصيرة
ولم تكن مشاركة الغوار تقليدية بقصائد نثرية وعمودية، إذ قرأ مجموعة من القصائد القصيرة المكثفة الغنية بأساليب البلاغة والصور الفنية، معتمداً على التفعيلة، وعلى الإشارة المباشرة بمفردة واحدة بالعنوان تشي بمضمون القصيدة وبتساؤلات وجودية ووجدانية، فمن جغرافيا إلى حنين إلى شوق إلى الحقول إلى انتحال وغيرها، والملفت أنه تطرق مباشرة إلى وزن التفعيلة بالاقتباس في إحدى القصائد بعنوان “شجن”:
متفاعلن متفاعلن فعل
أمشيك في شجني ولا أصل
شوقا أتابعها على مهل
كقصيدة في النفس تنتقل
ضمير المتكلم
كما كرّر استخدام صوت الشاعر بضمير المتكلم المفرد أنا حيناً، وتاء الفاعل المتحركة بالجمل الفعلية في أحايين أخرى بالاتكاء على عناصر الطبيعة السمة الرئيسية في شعره، ولاسيما الشجرة. ففي قصيدة مفارقة يستخدم تصغير الشجرة (الشجيرة) في إيضاح المعنى الخفي بعدم الانجرار وراء الوجه المباشر:
لا تكتف بما ترى
قد تولد الغابة
من شجيرة
وفي الحصاة
تختفي الذرى
ويتعمّق أكثر بالحالة النفسية التي يعيشها العاشق، سواء أكان على وفاق مع المحبوبة أم على خلاف، في قصيدة “أرق”:
ويمضي بي الأرق
حيناً أضيع به
وحيناً
في أتون الشوق احترق
الناي والقصيدة
كما تتسرب الموسيقا ليس كجرس موسيقي في قصائده فقط، إنما كآلة موسيقية تأخذ دورها ضمن عناصر القصيدة، اختار الناي الآلة الأقرب إلى وجع الروح وإلى الصوفية وبوح التأمل:
هذه النغمات جراح
نزف الناي أسرارها
وإليها نسبتها الرياح
أما في قصيدة “جغرافيا” فيعتمد على حوارية صغيرة بينه وبين المحبوبة تتجاوز المدى:
“قالت: ما حدود القلب فيك
قلتُ:
سفح من حنين
وآثار سهام
أطلقت من مقلتيك
ثم قالت:
فحدود القلب عندي
شجر يذرف شوقاً
ويد تومئ إليك
بغداد ودمشق
حفل الحضور النوعي بمجموعة من الشعراء العراقيين والسوريين، فشاركوا ببعض قصائدهم تحية لبغداد ودمشق، فبدأ الشاعر العراقي صالح الكندي:
أنا ابن العراق وكل حرفي
له وطن تعلق في الفضاء
أما في قصيدة “طوفان الأبطال” فتناول المقاومة في غزة:
قد سطروا كل الملاحم وكذا
عنوانهم سيف على الأشرار
يا غزة الأحرار أنا هاهنا
بالشعر بالأفعال بالإصرار
غزل بالشعر المحكي
وتغيّرت الأجواء مع الغزل بالشعر المحكي مع الشاعر مزاحم الكبع بتوظيف اللون الأخضر بالغزل:
عيونك من حبوب الهيل لونه
وبدر وجهك عزّ الظهر طالع
وآني ال جنت بحالي حيل مغرور
وأحس بنجمي يبقى دوم ساطع
أما الشاعرة فردوس النجار فأوحت بقصائدها المحكية وبإلقائها الجميل بأجواء الضيعة والحب والوطن، وقرأت قصائد عدة، منها، قصيدة “خيانة زوجية”، تعاتب فيها الزوجة المحبة الصبورة الزوج الخائن، مستحضرة الأوقات الجميلة في الماضي، تقول: “طبطبت ع كتفك وقت كنت زعلان، وعملتلك بيتك قصر أحلام” لتقفل القصيدة برفضها العودة إليه.
ومن عتاب فردوس النجار إلى عتاب الشاعر العراقي سعدون الدراجي بقصيدة محكية باللهجة العراقية “سنين العمر راحت عذاب وياك”.
الموسيقا الآلية
وتنوعت فقرات الموسيقا الآلية بعزف الموسيقي عدنان الحايك على الكمان مختاراً مقتطفات من أجمل أغنيات الزمن الجميل، مبتدئاً بـ”حبّ إيه” لكوكب الشرق أم كلثوم و”ألف ليلة وليلة” ليأخذ الكمان دور الغناء مع الجمهور. كما عزف لمحمد عبد الوهاب” كل ده كان ليه”، وبناءً على رغبة الجمهور عزف بعض أغنيات عبد الحليم حافظ لتكون “قارئة الفنجان” الأجمل، ومن ثم رائعة ميادة حناوي “أنا بعشقك” كما أغنى الأمسية بموسيقا بعض الأغنيات من التراث السوري “يالأسمر اللون”، و”حالي حالي حال”، وأفرد مساحة للتراث العراقي وكاظم الساهر، بالإضافة إلى موطني، واختُتمت الأمسية بموسيقا زهرة المدائن لفيروز “يا قدس يا أجمل المدائن”.
تختلف عن قصيدة الومضة
على هامش الأمسية التي قدمتها علا مكي، تحدث الشاعر طلال الغوار لـ”البعث” عن هذه الأمسية التي سبقتها الكثير من الأماسي له في سورية والعديد من حفلات تواقيع كتبه الصادرة في سورية، وعقّب بأنه قدّم مجموعة من القصائد القصيرة المبنية على التفعيلة من بحور متعدّدة منها الكامل والرمل، وهي مختلفة عن قصيدة الومضة، وهذه القصائد لم تنشر سابقاً ولم تقرأ في أمسيات سابقة، كما تزامنت زيارته مع إصدار كتابه “أشجار تتبعها الطرقات”، بالإضافة إلى كتاب نقدي حول كتابه “نداء لصباحات بعيدة” بعنوان “سحر اللغة وتجليات السيرة”.
التراث الغنائي
وتحدثت منى هيلانة أمين سر مكتب قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي عن هذه الأمسية التي تأتي ضمن الأنشطة الدورية للمنتدى والتي تواكب الشعراء العراقيين والسوريين، وتعبّر عن عمق العلاقات الأدبية والثقافية بين البلدين، ومن زاوية أخرى ركزت على الموسيقا واستحضار الزمن الجميل ضمن مسار الاهتمام بالحفاظ على مسار التراث الغنائي العربي والسوري والعراقي.