استراتيجية التنمية الريفية.. تركيز على سلاسل القيمة المضافة لدعم المنتج واعتماد ماركة “ريفية” لمنتجات الأُسر
دمشق – البعث
تشكّل التنمية الريفية أولى اهتمامات وزارة الزراعة، وكانت أحد أهم المحاور الرئيسية في ملتقى تطوير القطاع الزراعي الذي أقيم في عام 2021، وانبثق عنه خمسة برامج رئيسية، تتركز حول تحديث البيئة التنظيمية للتنمية الريفية “بناء الأنموذج التنموي”، وإحداث المرصد الوطني للتنمية الريفية وقياس التحضّر، وصندوق دعم وتمويل التنمية الريفية، وتطوير سلاسل القيمة المضافة للمنتجات الريفية، وبناء استراتيجية تنمية المرأة الريفية، والتي تفرع عنها مشاريع تمّت ترجمتها إلى إجراءات تنفيذية على أرض الواقع خلال الفترة الماضية.
مديرة التنمية الريفية بالوزارة الدكتورة رائدة أيوب بيّنت أن أولى خطوات تطبيق البرامج التنفيذية لمخرجات الملتقى بما يخصّ التنمية الريفية كانت انطلاقة القرى التنموية تحت مسمّى مبادرة “معاً نبني حلماً”، والتي تهدف إلى إحداث قرى تنموية نموذجية ذات اقتصاد زراعي متطور يقوم على الاستخدام الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية والبشرية، وتكون قادرة على إدارة عملية التنمية والتغيير بنفسها للانتقال إلى حياة أفضل مما كانت عليه سابقاً، وكان النموذج الأول في قرية قطرة الريحان بالغاب في نيسان من عام 2022، ويليها إطلاق نموذج بكل محافظة من المحافظات.
وقالت أيوب: أطلقت وزارة الزراعة دليل التنمية الريفية المتكاملة في بداية هذا العام ليكون منهج عملٍ لتعميم برنامج القرى التنموية على كافة المحافظات، وتمّ ترشيح 22 قرية للعمل فيها خلال عام 2024 حسب هذا الدليل، كما اعتمدت الوزارة برنامج تأسيس وحدات إنتاجية متعدّدة الأغراض للتصنيع الغذائي “مشاريع جماعية” بحيث تتولّى الوزارة تأمين المكان والمستلزمات والمعدات والآلات ورأس المال التشغيلي وغيرها، لتكون بمثابة حاضنة لمشروع جماعي تستفيد منه كلّ أسر القرية، ويرافق ذلك تدريب فني ومالي عالي المستوى للأسر الريفية للإنتاج حسب المواصفات القيـاسية السورية وجودة وسلامة الغذاء مع الحفاظ على تقليدية وعراقة المنتج “منتج بيتي”، بحيث تعمل الوحدة على مدار العام حسب توالي المواسم الزراعية بالقرية، مبينة أنه تمّ تأسيس 33 وحدة تصنيع حتى الآن موزعة في مختلف المحافظات. وأضافت أيوب: استكمالاً لحلقات سلسلة تصنيع المنتجات الزراعية في الوحدات التصنيعية، سواء الجماعية أو الفردية تمّ ربط المخرجات بصالات بيع متخصّصة لتعود بالنهاية كفائدة نقدية مباشرة على الأسر الريفية المنتجة، حيث تتوزع هذه الصالات على مستوى المناطق والمدن، وعددها حالياً 16 صالة، وتعدّ من أهم المنافذ التسويقية للأسر الريفية.
وأوضحت أيوب أن من إجراءات وزارة الزراعة لتحقيق التنمية الريفية التركيز على سلاسل القيمة المضافة لدعم المنتج الريفي السوري وتسويقه، والذي يهدف إلى تحسين المستوى المعيشي للأسر الريفية من خلال تطوير المنتج والارتقاء به وتحقيق قيمة مضافة له وتسويقه، حيث تمّ اعتماد نموذج متكامل لآلية تطوير المنتج الريفي من الإنتاج إلى التصنيع والجودة والمواصفة والتعبئة والتغليف والترويج والتسعير والإعلان لكامل السلسلة، وإسقاطها على كافة المنتجات الريفية، وبالتالي زيادة العائدات وكميات الإنتاج وفرص العمل لدى الأسر الريفية وتحسين مستواها المعيشي، واعتماد ماركة “ريفية” لمنتجات الأسر الريفية وتسجيلها أصولاً لتكون ماركة تجارية لها، بحيث أي منتج ريفي طبيعي يحقق شروط المواصفة القياسية السورية وسلامة وجودة الغذاء، يمكن أن يحمل هذه الماركة، وتمّ اعتماد المربيات والمخللات والألبان والأجبان والحلويات والعصائر والجزرية ودبس الرمان ودبس البندورة ودبس التمر ودبس العنب والخشافات والخل والزيتون والمكدوس والمعجنات والمجففات تحت هذه الماركة.
وأشارت أيوب إلى أن الوزارة بدأت بإعداد الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة الريفية من منظور جندري، حيث شهد الريف السوري بسبب الأزمة تغييراً في كافة البنى المجتمعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والزراعية، والتي ألقت بظلالها على الواقع المعيشي للأسرة الريفية وأدّت إلى تغيير في الخارطة الاجتماعية، وكذلك تغيير في توزيع أدوار أفراد الأسرة سواء الأدوار الإنتاجية أو الاجتمـاعية، حيث كانت البرامج السابقة موجهة لتمكين المرأة اقتصادياً لتكون صاحبة قرار اجتماعي نتيجة الظروف القاهرة التي دفعتها لتكون معيلة لأسرتها اقتصادياً، ونتيجة هذه الظروف أيضاً الكثير من اليد العاملة تركت الزراعة وانتقلت إلى مهن أخرى داخل سورية وخارجها وأصبحت المرأة العامل الأساسي في الزراعة، وبضوء هذا التغيير المجتمعي كان لا بدّ من التغيير في البرامج الموجهة لتنمية المرأة الريفية لتكون هذه البرامج استجابة حقيقية لاحتياج هذه الأسر الريفية.
وأكدت أيوب أن الوزارة عملت على تأسيس خارطة مكانية لتوزّع الأسواق ووحدات التصنيع، والبدء بتوثيق الصناعات الريفية “المونة المنزلية” مع مؤسسة وثيقة وطن وكانت البداية مع منتج الشنكليش والكشك، بهدف تثبيت أصالة المنتج الغذائي السوري في سورية والعالم، بالإضافة إلى تطبيق منهجية التأريخ الشفوي في توثيق كافة المراحل العملية في مختلف أنواع المونة والطبخ والمأكولات السورية في كافة المحافظات، كون عمل مشاريع تنمية المرأة الريفية والتنمية الأسرية، يتقاطع مع عمل مؤسسة وثيقة وطن، خاصة وأن المؤسّسة تعمل على توثيق المهن والمأكولات في عدد من مشاريعها. وبيّنت أيوب أن برنامج التمويل الريفي مع المصارف الخاصة والعامة يهدف إلى إقراض الأسر الريفية لمساعدتها على تمويل مشاريعها المتناهية الصغر بهدف توليد دخل إضافي لهذه الأسر، مع مراعاة أن يكون الإقراض بأيسر الشروط والسبل، لافتة إلى السجل الوطني لمشاريع النساء الريفيات المنزلية الصغيرة ومتناهية الصغر، وذلك من خلال بناء قاعدة بيانات تتضمن أعداد وأنواع وتوزع هذه المشاريع في الريف السوري ومعلومات المستفيدات (مشاريع فردية أو جماعية سواء كانت النساء مستفيدات أو غير مستفيدات من البرامج المذكورة أعلاه) مما يتيح توفير المعلومات لتحسين التخطيط مستقبلاً والتعلّم من الدروس، وبحيث تتمكّن المرأة التي تقوم بتسجيل مشروعها من الاستفادة من المزايا التفضيلية التي تقدمها الوزارة، وأهمها برامج التدريب والقروض والمنح والمعارض والعرض في منافذ بيع منتجات النساء الريفيات حسب الإمكانيات المتاحة.