دراساتصحيفة البعث

أمراض نفسيّة تضرب جنود الاحتلال

د.معن منيف سليمان

يتعرّض الجيش الإسرائيلي لسلسلة من الإخفاقات والهزائم المتكرّرة، ومُني بخسائر فادحة في المعدّات والأرواح ما انعكس سلباً على الروح المعنويّة للجنود، وأدّى إلى زعزعة الثّقة بالنّفس قادت إلى حالة مرضيّة حتّى بات مئات الجنود يعانون من اضطرابات نفسيّة وأعراض التوتّر من صدمات الحرب وأهوالها.

لقد دخل جنود الاحتلال الحرب وهم يعتقدون أنّهم في نزهة قصيرة بما يملكون من معدّات حربيّة متطوّرة ووسائط نارية فتّاكة، وظنّوا أن الحرب ما هي إلا جولة سريعة سوف تُحسم خلال أيّام قليلة، ولكن حسابات المعركة على أرض الواقع جاءت على غير ما يعتقدون، فقد وجد الجنود الإسرائيليّون أنفسهم وسط معركة ضارية تفوق التصوّرات تجلّت بوضوح في صمود المقاومة وتنفيذها العمليّات النوعيّة التي فاجأت العدو الصهيوني ودمّرت أحدث آلياته ودبّاباته التي ظنّ الجنديّ الإسرائيلي أنّه حيّ ما دام بداخلها.

واكتشف الجنديّ الإسرائيلي منذ بدء العمليّة البرّيّة، أنّ جميع التدريبات والبيانات العسكريّة المكثّفة التّي وضعتها قيادة التدريب في الجيش الإسرائيلي وأنفقت عليها ملايين الدولارات، لا تجدي نفعاً في المواجهة مع فصائل المقاومة، ذلك أن المقاومة اعتمدت أساليب قتاليّة مبتكرة ومعقدة للغاية، وطوّرت دفاعاتها بما يكفل الحفاظ على قدراتها لوقت طويل ويجنّبها الخسائر البشريّة، ما أفقد العدو الكثير من قدراته الاستخباراتية والقتاليّة الهجوميّة.

وكشفت الصحف الإسرائيليّة، أن مئات الجنود الإسرائيليين “يعانون صدمات الحرب وأعراض التوتّر”، وبيّنت أن الآلاف منهم يتواصلون مع خطّ المساعدة المعني بالصحة النفسيّة.

وبناءً على ذلك، قرّر قسم التأهيل في الجيش الإسرائيلي إطلاق برنامج لمساعدة الجنود الذين يعانون الاضطرابات النفسيّة بسبب الحرب، وجرى تشكيل فرق طبيّة لتقويم حالات الجنود الذين يعانون اضطرابات نفسيّة وميولهم للانتحار.

وفضلاً عن ذلك، يعاني قسم من الجنود الصهاينة من حالات صعبة وكوابيس مزعجة من أهوال الحرب، ما سبّب لهم صدماتٍ نفسيّة، حيث أخضعوا لعلاج بالمواد المخدّرة ليتمكّنوا من النوم، وقد تكرّرت بين هؤلاء حوادث إطلاق نار وخاصّة الجنود العائدين من القتال، وفسّر متخصّصون تلك الأخبار التي تتعلق بتصرّفات جنود الاحتلال غير المتزنة بأنّ قوّات الاحتلال تعاني من “انهيار عصبيّ حاد”، وأنّ الكوابيس التي يعاني منها الجنود تدفعهم إلى ارتكاب الجرائم؛ بسبب التغيّرات النفسيّة الحادّة الناتجة عن عمليات القتل، وذلك أن الجندي الإسرائيلي ضعيف وغير مهيّأ للقتال البرّي، ولهذا عندما يلتحم في معركة مع المقاومين يصاب بصدمة نفسيّة.

وكان تقرير صادر عمّا يسمّى “المعهد الوطني لأبحاث السياسات الصحيّة” في الكيان، كشف عن أثر الصدمات على الحالة النفسيّة والصحيّة للجنود نتيجة هجمات المقاومة المفاجئة، حيث أكّد تعرّض العشرات من الجنود لتخلّف عقلي مستديم.

وبناءً على ذلك، افتتح جيش الاحتلال الإسرائيلي مراكز للصحة النفسيّة، حيث اضطرّ إلى تدريب المزيد من المتطوّعين لاستيعاب الكم الهائل من الاستشارات النفسيّة التي ترد عبر الهاتف والإنترنت. واقترح متخصّصون ضرورة الاستعداد لتقديم العلاج بطواقم عاملة وأدوات علاجيّة متطوّرة وملائمة لاستيعاب الجنود العائدين من جبهة القتال الذين يعانون من صدمات نفسيّة.

وفوق ذلك كلّه، يواجه نظام الصّحة العقليّة في الكيان خطر الانهيار، بسبب الضغوط الكبيرة، وقد أشارت الصحف الإسرائيليّة في تقارير لها إلى أن عشرات الأطباء النفسيّين الإسرائيليّين يغادرون الكيان إلى بريطانيا بحثاً عن ظروف حياة أكثر استقراراً.

إن المرحلة القادمة، حسب اختصاصيين، ستشهد المزيد من الإصابات بالأمراض النفسيّة التي يصاب بها الجنود الإسرائيليّون، وخاصّة مع حجم الخسائر غير المسبوقة في المعدّات والأرواح، ما يجعل الجيش الإسرائيلي عبارة عن جيش من المرضى النفسيّين.