أخبارصحيفة البعث

عمق الفكر ومسؤولية الحوار في حديث الرفيق الأمين العام للحزب

د. سمر الديوب

في ساحة الحوار، التي تجمع بين الفكر والرؤى، تتجلى مسؤولية القادة في توجيه المجتمع نحو المسار الصحيح، وتحقيق التغيير الإيجابي. وفي حوار مائز جمع أساتذة جامعيين، أعضاء عاملين في حزب البعث العربي الاشتراكي، ونخبة من المفكرين والمثقفين، مع الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، السيد الرئيس بشار الأسد، تجلّت نقاشات ظهرت فيها أهمية الحوار بوصفه عنصراً أساسياً لنجاح الانتخابات الحزبية، وتطوير آليات الحزب، وبناء مجتمع المشاركة.

يعدّ الحوار العميق داخل الحزب، ومع المجتمع بعامة، وسيلة حيوية لتطوير الرؤى الحزبية، وتحديد الأولويات والسياسات التي يجب تبنّيها، لتحقيق التغيير المرغوب. وقد بدأ الرفيق الأمين العام حديثه بأهمية الحوار الدائر حالياً، ورأى فيه أحد عوامل نجاح الانتخابات الحزبية. وقد تمّ إثارة جملة من الأسئلة القيّمة والعميقة، وتمت الإجابة عنها بعمق كبير، وركيزة قوية، واستفاضة كافية.

تمّ تسليط الضوء في الجلسة الحواريّة على رؤية بعض الرفاق البعثيين التي تشير إلى أن البنى الحزبية في حزب البعث هي من الأعلى إلى الأدنى، ما أثار استفساراً حول صحة هذا النمط من العلاقة، وما السبب فيه. أشار الرفيق الأمين العام في معرض إجابته الوافية إلى أن الحالة التي يتم فيها الترتيب الهرمي للقرارات من الأعلى إلى الأدنى ليست مشكلة حزبية فقط، بل تمتد لتكون ظاهرة اجتماعية شاملة في الدولة. فالتنفيذ بعامّة مُشتق من السلطة العليا من غير مشاركة واسعة من القاعدة. وفي هذا السياق، أكد الرفيق الأمين العام أهمية قلب هذه العلاقة، إذ يجب أن يكون التواصل والتفاعل بين الحكومة والمواطنين مبنياً على الشراكة، والمساواة في الحقوق والواجبات.

وتشير الأفكار المثارة في الجلسة الحواريّة إلى دور الانتخابات بوصفها آلية أساسية لتحقيق هذا الهدف؛ إذ تمثل فرصة لتفعيل الشراكة، وتشجيع المشاركة الواسعة من الأعضاء والمواطنين. ويؤكد الرفيق الأسد أهمية الحوار المستمر في هذه المرحلة، إذ يُعتبر أداة حيوية لتعزيز الشراكة بين الحكومة والمواطنين، وتوجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف المشتركة.

من هذا المنطلق، يُظهر فكر الرفيق الأسد أن الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أداة لتحقيق التغيير الإيجابي في الحزب والمجتمع.. إنه عملية مستمرة ومستدامة تتطلب الالتزام والمثابرة من قبل جميع الأعضاء، والمواطنين، لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في المجتمع، وبناء مستقبل واعد يحقق تطلعات الشعب.

ويمكن لنا – تبعاً لذلك – أن ننظر إلى كيفية تأثير الحوار، وتغير الآليات في الثقافة بعامّة. فهل يمكن أن يؤدي الحوار وتغيير الآليات إلى تغيير الثقافة؟ يثير هذا السؤال نقطة أساسية فيما يتعلق بالمجتمع، وتطوره.

وفي الحقيقة، يمكن أن يؤدي الحوار المستمر، وتغيير الآليات، إلى تغيير عميق في الثقافة السياسية والاجتماعية. فحين يتم تشجيع الحوار والمشاركة الواسعة، يتغير الشكل الذي تبنى عليه القرارات وتُنفذ فيه السياسات. ويمكن أن يؤدي هذا التغيير إلى تحولات في طريقة تفكير الأفراد وسلوكهم، مما يؤثر في الثقافة العامة.

لقد أكد الرفيق الأسد أن الآليات أحياناً تغير الثقافة؛ ففي سياق الحزب، على سبيل المثال، حين يتم تشجيع الحوار والمشاركة الواسعة، يمكن أن يتغير تفكير الأعضاء، وتصورهم لدورهم في الحزب والمجتمع، ويصبح لديهم شعور بالمسؤولية المشتركة، والالتزام بتحقيق أهداف الحزب. وينعكس هذا التغيير في التفكير والسلوك، بدوره، على الثقافة العامة للحزب والمجتمع.

ومن ثم، يمكن أن يؤدي تغيير الآليات إلى تغيير الثقافة بما يتماشى مع تطلعات الشعب ومتطلبات الواقع. وهذا التغيير قد يكون تدريجياً ولكنه مستدام، إذ يبدأ بالتحول في الفكر والسلوك الفردي، ويمتد بعد ذلك إلى المستوى الجماعي للحزب والمجتمع.

ويظهر – تبعاً لذلك – أن للحوار وتغيير الآليات دوراً مهماً في تغيير الثقافة السياسية والاجتماعية. إنهما يمثلان أدوات قوية لتحقيق التغيير الإيجابي وتطوير الرؤى الحزبية، وبناء مجتمع يعكس تطلعات الشعب، ويحقق العدالة والرخاء للجميع.

ومن هنا، يمكن القول إن الحوار وتغيير الآليات ليسا فقط وسيلتين لتحقيق التغيير الإيجابي، بل هما أيضاً محركان لتغيير الثقافة، وتشكيل المستقبل.

وفي النهاية، يؤكد الحوار أهمية بناء ثقافة تشجيع الشراكة، وتعزيز التفاعل بين جميع أطراف المجتمع، ويظهر من خلال هذه النقاشات أن الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أداة قوية لتحقيق التغيير، وتطوير الرؤى الحزبية. إنه رحلة مستمرة نحو بناء مجتمع يقوم على التعاون والشراكة، وتحقيق الرخاء والتنمية للجميع.