أخبارصحيفة البعث

انفصام شخصية ماكرون

تقرير إخباري

أثار اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إرسال قواتٍ أوروبية إلى أوكرانيا لدعم نظام زيلنسكي سخط حلفائه الغربيين، الذين رفضوا رفضاً قاطعاً هذا الاقتراح الغريب. واعتبر المحللون الغربيون أن ما يقترحه ماكرون لا يقل عن بدء حرب مباشرة مع روسيا يشارك فيها حلف شمال الأطلسي وجميع أعضاء الاتحاد، متسائلين: هل هو مجنون أم أنه يطيع أوامر كفيل أكثر جنوناً منه؟.

ولم يكن إلقاء الصواعق على روسيا أفضل مبادراته، فهو يريد معاقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والالتقاء به “في الوقت نفسه” للتفاوض على السلام، ربما يفكّر في جائزة الأوسكار لأفضل ممثل في فيلم حربي وفي الوقت نفسه جائزة نوبل للسلام، ربما يمثل هذا انفصام الشخصية الذي يعاني منه ماكرون، وهو مرض متجذّر في تسمّم السلطة.

وكما هو متوقّع، حذّرت روسيا من حرب شاملة مع الغرب إذا تحقّق اقتراح ماكرون، وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: “لا ينبغي أن نتحدّث عن الاحتمالية، بل عن الحتمية”.

ومع ذلك، تقدّم الولايات المتحدة أكثر من مجرد الدعم المادي، حيث كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن وكالة المخابرات المركزية قامت بتمويل وتجهيز جزئي لمخبأ سري حيث يتتبع الأوكرانيون أقمار التجسس الروسية ويستمعون إلى المحادثات الخاصة لأفراد عسكريين روس. وتتقاسم الولايات المتحدة أيضاً معلومات استخباراتية في ساحة المعركة، غالباً ما يستخدمها الأوكرانيون لرصد قوات “العدو”.

وأخيراً، تتدرّب القوات الأوكرانية في القواعد الأمريكية والأوروبية لمحاربة الروس بشكل أفضل. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يذهبوا إلى أبعد من ذلك.

وقد حذّر المحللون من أن العالم يتجه نحو الحرب العالمية الثالثة بفضل ماكرون الصغير، بينما شعوب الغرب نائمة ومسترخية بسلام على مخزن البارود: “لا يمكننا أن نسمح لروسيا بالاستيلاء على أوروبا”.

ومخزن البارود هذا هو عدد لا يُحصى من الرؤوس الحربية النووية التي، حتى لو تم استخدامها بشكل ضئيل وتكتيكي و”منخفض المستوى”، تعني نهاية أوروبا إذا تم استخدامها. وكأنه لم يكن كافياً تدمير دولة بأكملها، واستخدام سكانها وقوداً للمدافع، ولم يكن كافياً تغذية الأحلام القومية والعنصرية لإبعادها عن مدارها الروسي الطبيعي.

ماكرون، رجل صغير جداً، والرجال الصغار الذين يريدون إظهار العظمة دون امتلاكها خطرون، إذ يريد ماكرون، مثل كل الرجال الصغار الذين يقودون الغرب الجماعي، أن يجرّ أوروبا بجنون إلى مواجهة حربية مع العملاق الروسي بينما يحتفظ الشعب الروسي بجرعة جيدة من الوطنية والإيمان.

وإذا كان “الغرب الجماعي” إمبراطورية، فهي لا تقدّم شيئاً سوى مستقبل من الانحطاط، وهؤلاء القادة الأوروبيون الصغار باتوا يشكّلون خطراً على الإنسانية وهم أعداء شعوبهم، حسب المحللين الغربيين.

هيفاء علي