المعسكر الغربي هو الخاسر الأكبر
تقرير إخباري
تعدّ الحروب الاقتصادية واحدة من أقدم أنواع الحروب التي عرفتها البشرية، حيث كانت تأتي في شكل صراع على الموارد الاقتصادية. ومن ثم تغيّرت أنماط هذه الحروب مؤخراً لتصبح على شكل تقويض الأداء الاقتصادي والسيطرة على الأسواق من خلال حركة الواردات ورؤوس الأموال، واحتكار إنتاج سلعة ما في بلد ما لمصلحة دولة ما، وصولاً إلى الحرب الاقتصادية التي تتم من خلال الرقمنة واختراق البيانات والهجمات التقنية التي تضرب الاقتصاد الرقمي، بالإضافة إلى أنها تتشكّل في أساليب وقرارات الرفض والاستحواذ الاقتصادي أو السعي لتحقيق ميزة سياسية أو اقتصادية.
ولعل الحرب الاقتصادية التي تشنّها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون ضد الصين وروسيا وإيران، وكذلك ضد سورية، هي الأكثر شراسة والأشد فتكاً من الحرب العسكرية، نتيجة تداعياتها الكارثية على الشعوب بالدرجة الأولى، لأنها تحرم هذه الشعوب من أبسط مقومات الحياة الأساسية.
لذلك، كانت ولا تزال الحروب الاقتصادية واحدة من أقسى الحروب التي شهدتها البشرية وتكون أكثر ألماً عندما يؤخذ بها كأداة تكميلية للصراع المسلّح، وفي ظل أي حروب اقتصادية فإن الاقتصاد العالمي يهتزّ ويكون في وضع دون المستوى الأمثل.
ولكن في بعض الأحيان، ترتد تبعات الحرب الاقتصادية على فاعليها، وفي هذا السياق، أكّد الجنرال الفرنسي المتقاعد دومينيك ديلاروا، منذ عامين، أن الاقتصاد هو الذي سيحدّد الفائز والخاسر من المعسكرين المتعارضين على المستوى الجيوسياسي العالمي: معسكر الهيمنة الأحادية القطب بقيادة الولايات المتحدة وجناحها المسلّح، حلف الناتو، ومعسكر التعدّدية القطبية بقيادة الثلاثي الروسي الصيني الهندي.
وأضاف: في الأمور الاقتصادية، يمكن أن يستغرق إدراك التطوّرات وقتاً طويلاً يصل إلى عدة سنوات، ويمكن أن يكون مفاجأة في بعض الأحيان، بضعة أشهر أو بضعة أسابيع في حالة حدوث أزمة خطيرة. وفي الحرب الاقتصادية التي تشنّها الولايات المتحدة والمعسكر الغربي ضد روسيا وحلفائها في مجموعة بريكس، تتحرّك روسيا على رافعتين: التخلص التدريجي من الدولرة في الاقتصاد، وتكاليف الطاقة والمواد الخام.
وعن إجراء مقارنة بين النمو في أوروبا مع وضع النمو في روسيا، من خلال بيانات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصحافة الغربية، ومع مقارنة ديون كل منهما، يمكن بوضوح رؤية أن المواجهة الاقتصادية بين الناتو وروسيا في طريقها إلى الخسارة من الناتو، وهذا ينذر بهزيمة ساحقة ومذلّة لحلف شمال الأطلسي في المجال العسكري. ولا ينبغي نسيان أن روسيا في ظل رئاسة فلاديمير بوتين هي التي تتولّى حالياً رئاسة مجموعة بريكس، وأنه لا بدّ من توسيع المجموعة في تشرين الأول المقبل. وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى اتساع الفجوة بين مجموعة بريكس الديناميكية والمنتصرة، وبين عالم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع المتدهور.
ولكن يعتقد الجنرال الفرنسي أنه في هذه الحرب الاقتصادية، عدد قليل جداً من الأشخاص في روسيا والجنوب العالمي مؤهّلون مثل سيرغي غلازييف، وزير التكامل والاقتصاد الكلي في اللجنة الاقتصادية الأوراسية، وهي الهيئة السياسية للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، لمناقشة الزخم والتحدّيات والمزالق على طريق إلغاء الدولرة.
هيفاء علي