الاقتصاد المنزلي.. تنظيم لموارد الأسر المالية وتشاركية إيجابية لمواجهة الأعباء المعيشية
دمشق- البعث
لم يعد همّ المواطن معرفة أسباب غلاء الأسعار، بل همّه الأكبر كيف يستطيع تأمين وتدبير يومه ومستلزمات أسرته التي باتت تتثاقل بأعبائها على دخله المحدود وأزماته المتتالية، إذ باتت تحتاج الأسرة إلى ملايين الليرات كمصاريف شهرية، وهذا ما دفع الكثيرين إلى البحث عن فرص عمل جديدة وأساليب بسيطة من أجل تأمين لقمة العيش ومصدر دخل يساعد على تحقيق التوازن بين الدخل والإنفاق وفي مقدمتها الاقتصاد المنزلي.
الباحثة الاجتماعية رنا محمد أشارت إلى أن النظرة القديمة للاقتصاد المنزلي كانت تقتصر على اعتباره مجرد دراسات علمية في الطهي والغسيل والكوي والتفصيل والخياطة التي لا تواكب الأهداف الأساسية للأسرة والمجتمع، أما حديثاً فإن الاقتصاد المنزلي يعدّ علماً يختصّ بدراسة احتياجات ومقومات الأسرة والبيئة الاجتماعية، ويهدف إلى جعل كلّ منزل مريحاً ومناسباً من الناحية المعيشية وسليماً من الناحية الاقتصادية والصحية ومسؤولاً ومشاركاً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ليعيش أفراد الأسرة جواً يسوده التعاون والاحترام المتبادل.
ويركز هذا المفهوم الذي تعدّ الأسرة بكل أفرادها محور اهتمامه على تهيئة سبل الربط بين موارد الأسرة وأهدافها وبين حجمها، ويعطي أهمية كبيرة للجانب العلمي لاتباع أحدث القواعد العلمية الحديثة وتطبيقها في شتى أنشطة الحياة اليومية، بما يتناسب مع نمط الحياة وسهولة التكيّف مع تغيرات الأوضاع التي تمسّ حياة الأسرة والمجتمع كمشكلة نقص الغذاء وخروج المرأة للعمل.
وبرأي الخبير الاقتصادي منصور الحاج فإن الاقتصاد المنزلي علم يشمل جميع مجالات (الغذاء، التغذية، إدارة المنزل، النسيج، الديكور، التصميم) ليستطيع الفرد إدارة موارد الأسرة المادية والبشرية لتحقيق أهداف الأسرة بشكل سليم يتماشى مع قدرات وميول الأفراد، والهدف منه العقلانية لتخفيف تكاليف الحياة اليومية، إضافة إلى أن الاقتصاد المنزلي يشمل الجنسين (ذكوراً وإناثاً) لأنه علم يتناول جميع المواضيع المعنية بالأسرة، أي الهدف الأساسي منه إدارة الموارد.
وبيّن الحاج أن الاقتصاد المنزلي يساعد أفراد الأسرة على إدارة الميزانية بشكل سليم وتحديد احتياجاتهم الأساسية ثم الرفاهية والفصل بينهما، مثلاً (مبلغ لدفع الإيجار، بند الغذاء 10%، الفواتير، أقساط المدرسة، خطة الطوارئ، حجز مبلغ ضئيل شهرياً من الميزانية للاستفادة منه في حالة الطوارئ في حالة المرض، السفر) ثم تأتي الاحتياجات الأخرى كالملابس في وقتنا الحاضر، وهنا تقوم المرأة بعملية جرد للملابس وتخصيص المبلغ المراد للشراء قبل خروجها من المنزل، لأن النساء فيزيولوجياً يرغبن بالشراء كهواية وليس كحاجة. ولفت الحاج إلى أن جميع أفراد الأسرة يشاركون في تحمّل المسؤولية بإدارة الموارد البشرية كالوقت والجهد والموارد المادية، مؤكداً أن الاقتصاد المنزلي يعلّم الأفراد حسن الترشيد الاستهلاكي والاهتمام بالتغذية السليمة لأفراد الأسرة من خلال الانتقاء السليم للسلع والمنتجات.
وتحدّث الحاج عن التدابير والحلول التي يمنحها الاقتصاد المنزلي لتقليل الأعباء المادية من خلال تعليم الأسرة خطوات لإدارة المصاريف الشخصية على أساس الدخل الشهري، حيث يخفض الدخل ويغطي الضروريات ويخفض النفقات، وأيضاً تعليم الأسرة التقييم المستمر لأدائها (صحيح/ خطأ/ يوجد مشاكل)، حيث يعلم المرأة كيفية التخطيط قبل التنفيذ من خلال توفير بند الطعام لتحقق الاحتياجات المطلوبة للأسرة والابتعاد عن الوجبات المرتفعة التكاليف أو استخدام الأغذية سهلة الإعداد، وإعداد قائمة بالمشتريات قبل عملية الشراء، وتحديد البدائل عندما لا تتوافر السلع الأساسية المراد شراؤها، والاهتمام بقراءة البطاقة الإرشادية للسلع الغذائية لمعرفة (الصلاحية، المكونات، بلد المنشأ)، وعدم الإسراف في موارد الأسرة المستخدمة في موارد الغذاء وخاصة في مرحلة الإعداد والطهي.