اقتصادصحيفة البعث

السورية للتجارة والاستحقاقات القادمة للبطاقة الذكية

 

أقرّ مجلس الوزراء، خطة وزارتي التجارة الداخلية والاقتصاد والتجارة الخارجية، لتأمين المواد الأساسية للمواطنين بشكل مدعوم، عبر منافذ المؤسسة السورية للتجارة باستخدام البطاقة الذكية، لتحييد المواطن وتحصينه من تقلبات الأسعار، نتيجة العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوري، ووافق على التمويل اللازم لإنجاز العقود الموقعة لتأمين المواد الغذائية الأساسية، وكلف مجلس الوزراء وزارات التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمالية والاقتصاد والتجارة الخارجية والمصرف المركزي، عقد اجتماع مشترك لتحديد آلية تمويل عقود توريد المواد الاستهلاكية المدعومة، والمدد الزمنية لتنفيذها لضمان الالتزام بهذه المدد، وتوفير حاجة صالات السورية للتجارة من هذه المواد دون عوائق أو تأخير.
وأكد الوزير عاطف النداف أن توزيع المواد الأساسية على المواطنين عبر البطاقة الذكية سيبدأ عبر منافذ البيع التابعة لـ«السورية للتجارة»، خلال فترة تجريبية لمدة شهرين، ليصار لاحقاً إلى تدارك ومعالجة الملاحظات التي قد تظهر والتي تُقدَّم من المواطنين ، وسيتم البدء بتوزيع السكر والشاي والرز على البطاقة الذكية، على ألا تتجاوز الكميات على البطاقة الواحدة، مهما بلغ عدد أفراد الأسرة المسجلين عليها /4 / كيلو سكر و /3 / كيلو رز وكيلو غرام شاي، ومن المقرر أن يتم إضافة مواد أخرى لاحقاً، مثل الزيوت والسمون وغيرها، وقد بدأت بعض مراكز السورية للتجارة بالتوزيع بداية الأسبوع الأول من شباط.
هذه الإجراءات مفيدة وستكون لها منعكساتها الإيجابية على المستهلك، بعد معاناته السلبية جدا، جراء الارتفاع المتكرر لأسعار هذه المواد، ولكن السؤال المهم ، كيف سيكون بمقدور السورية للتجارة إيصال المواد المقننة عبر البطاقة الذكية ، لجميع المستهلكين، حال عدم وجود مراكز للمؤسسة في مناطق سكنهم، إذ أن مراكز السورية للتجارة محدودة الانتشار في مراكز المدن وضمن قطاع القليل من أحيائها، وضمن القليل من قطاع البلديات، ما يجعل فترة الشهرين التجريبية، فترة ازدحام كبير على أبواب مراكز المؤسسة القليلة الانتشار.
ألا تضع إدارة السورية للتجارة في حسبانها، أن الحصول على المواد هو حق لكل أسرة تحمل البطاقة الذكية، وليس بمقدور الكثير من الأسر الوصول إلى مراكزها القليلة التي توجد فيها المواد، ما يؤدي إلى حرمان آلاف الأسر البعيدة وخاصة الريفية من هذه المواد، إذ سيجد أفرادها عدم جدوى اقتصادية من قدومهم لهذه المراكز، أكان بسبب بعد المسافة وتكلفة النقل الذي قد تزيد عن الوفر المتحقق في السعر، أو لصعوبة الانتظار الطويل الذي قد ينتهي بعدم التمكن من الحصول على المواد بحجة انتهائها لسبب أو لآخر.
إن المراكز الحالية للمؤسسة تشهد طوابير طويلة مزعجة ومتعبة، نظرا لقلتها بسبب الإقبال الكبير عليها، نتيجة فارق سعر المواد قياساً بالسوق، وحيث إنه ليس بمقدور السورية للتجارة إحداث آلاف المراكز الجديدة في آلاف الأحياء والقرى الخالية من مراكزها حتى تاريخه، يجعل من المتوجب عليها الإعداد السريع لإحداث مراكز جديدة بالتتابع، أو اعتماد مراكز بيع متنقلة أو أن يكون بمقدورها – بل عليها – التعاقد مع مندوبين لها في كل تجمع سكاني، أكان ذلك مع الجمعيات التعاونية التجارية الموجودة أيا كانت تابعتها، ومع الجمعيات الفلاحية الموجودة في القرى أو مع بعض التجار في أحياء المدن وقرى الريف، كما كان عليه حال القسائم أيام المؤسسة العامة الاستهلاكية، على أن يكون للوكلاء حصة من الربح، غير القابل لأية زيادة غير قانونية تحت أية حجة.
إن مسعى السورية للتجارة باتجاه فتح مراكز لها على حساب وحدات الإدارة المحلية، لم ولن يحظى بالنجاح في أغلبها وإن حدث في بعضها، لأن جميع الوحدات الإدارية تطلب العون من الوزارة لكثير من مشاريعها، ما يجعل من حقها ومصلحتها المطالبة بإيجار هذه المراكز وفق السعر الرائج.
ويبقى السؤال؟ في حال كان السعر المعتمد للمستهلك يقل عن التكلفة الحقيقية، من هي الجهة التي ستغطي الفارق، وألا سيؤدي ذلك لفتح مجال للسوق السوداء، بسبب تصرفات بعض العاملين في المراكز، ونتيجة الكميات التي ستبيعها الأسر التي قد لا تستهلك الكمية المخصصة لها، وستتهافت لشرائها وبيعها في السوق السوداء، وفي حال كان يحقق ربحا، لماذا لا يلزم القطاع الخاص ببيع المواد بنفس السعر، وهل من حكمة في المزيد من التجريب.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية