دراساتصحيفة البعث

“الثلاثاء الكبير” وانتخابات الرئاسة الأميركية

ريا خوري  

يبدو أن العالم قد توجّهت أنظاره نحو الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة آخر مستجدات الانتخابات الرئاسية، حيث ينتظر العالم يوم الخامس من آذار تصويت خمسة عشر ولاية فيما يعرف بـ(الثلاثاء الكبير) ضمن سباق الانتخابات التمهيدية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا اليوم تأسّس بصيغته الحالية، في عام 1988م، عندما قرّرت ستة عشر ولاية أمريكية جنوبية إجراء انتخاباتها التمهيدية في شهر آذار بدلاً من وقتٍ لاحق من عام الانتخابات، في محاولة جادّة لكسب تأثير أكبر في اختيار المرشحين الرئاسيين. وبينما يبدو مرشح الحزب الديمقراطي شبه محسوم لمصلحة الرئيس الحالي جو بايدن، فإن معركة سباق الانتخابات التي يقودها الحزب الجمهوري الانتخابية بين الرئيس السابق، دونالد ترامب، ومنافسته، نيمراتا راندهاوا (نيكي) هايلي المنتمية للحزب الجمهوري لا تزال بحاجة إلى الحسم، على الرغم من أنّ التوقعات بفوز ترامب بترشيح الحزب هي المهيمنة.

الجدير بالذكر أنّ  تصويت (الثلاثاء الكبير)  يتسم بأهميةٍ بالغة، لأنه يحدِّد حظوظ كل مرشح من مرشحي الرئاسة والزخم الكبير الذي سيكتسبه في مساعيه المتواصلة  للحصول على ترشيح حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة. وحسب تاريخ الانتخابات التي تجري في الولايات المتحدة، فإن الفائز في يوم  (الثلاثاء الكبير) يصبح على الأرجح مرشح حزبه لخوض الانتخابات الرئاسية.

وعلى الرغم من الهزائم المتتالية التي منيا فيها في ولايات كارولينا الجنوبية، مسقط رأس هايلي، ونيفادا وميتشغان وأيوا، ونيوهمبشاير، وميزوري، فإن هايلي مصرّة إصراراً كبيراً على المضي قُدُمَاً في تحدّي ترامب الذي قالت عنه إنه (يزداد اختلالاً وعدم توازن)، مؤكَّدة أنها لن تستسلم أبداً، في حين تعهّد ترامب بــ(سحقها نهائياً).

المرشحة الرئاسية عن الحزب الجمهوري هايلي التي لا تملك أية حظوظ حتى الآن للفوز ببطاقة الحزب الجمهوري، تحاول تبرير البقاء في المنافسة وعدم ترك ساحة المعركة الانتخابية بأنها لا تسعى إلى أي سلطة ولا تبحث عن أي منصب في إدارة الرئيس السابق القادمة، لكن الحقيقة أن لديها القدرات الكبيرة والإمكانيات المالية التي تمكّنها من البقاء في السباق الرئاسي حتى آخر لحظة، فقد جمعت أكثر من إثني عشر مليون دولار في مطلع العام الحالي 2024م، إضافة إلى ثلاثة عشر مليون دولار أخرى تمّ جمعها من اللجنة المشرفة على تنظيم حملتها الانتخابية، أي ما مجموعه خمسة وعشرون مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ أكبر من المبلغ الذي جمعه الرئيس ترامب وهو ستة عشر مليون دولار.

الكثيرون يعتقدون أن هايلي ربما تراهن على إدانة ترامب بالتهم الموجَّهة إليهِ قبيل موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، إلا أنها لم تدرك أن الدستور الأمريكي لا يمنع  ترامب من تولّي منصب الرئيس حتى في حال صدور حكم قضائي رسمي في حقه، وربما لم تدرك أيضاً أنها تستطيع تأدية دور ما في قيادة الحزب الجمهوري عام 2028 والترشّح من جديد ثم الفوز بالرئاسة، وهي تهيّئ الأرضية المناسبة لذلك  في المرحلة الراهنة.

إنّ معظم الدلائل تشير إلى أنّ ترامب واثق من الفوز في يوم (الثلاثاء الكبير) لأنه قطع شوطاً طويلاً على طريق الفوز بجدارة بترشيح الحزب الجمهوري له، ولا يرى أبداً أنَّ هايلي تمثل عقبةً حقيقية في تقدّمه، كما أن نتائج انتخابات يوم (الثلاثاء الكبير) قد توفّر له الدعم الذي يحتاج إليه في مواجهة الرئيس الديمقراطي بايدن، الذي تراجعت شعبيته بشكلٍ كبير وفقاً لاستطلاعات الرأي التي أظهرت أن 48% مِمّن تم استطلاع آرائهم سيختارون ترامب، مقابل 43%  للرئيس الديمقراطي بايدن. فقد أظهر الاستطلاع تراجعاً واضحاً من جمهور المؤيّدين لبايدن لدى فئات من الناخبين الذين عادة ما تكون أصواتهم شبه مضمونة للديمقراطيين مثل الناخبين غير البيض والعمال.

لقد تمكّن ترامب من توحيد قاعدته الشعبية بشكلٍ مناسب، إذ أكّد أن 97% ممن صوّتوا له عام 2020م سيصوّتون له العام الحالي 2024م، أما 83% ممّن صوّتوا للرئيس بايدن في ذلك العام فقد أعلنوا أنهم سوف يصوّتون له في العام الحالي.

الجميع ينتظرون بفارغ الصبر نتائج الثلاثاء الكبير الذي يحمل اثنين من المرشحين سيفوز أحدهما بالرئاسة بعد نحو تسعة أشهر.