“ثورة آذار والقضية الفلسطينية”.. ندوة على مدرّج “دار البعث”
دمشق – زينب محسن سلوم
رغم المآسي التي تمرّ بها الأمة العربية، وليس آخرها العدوان الإسرائيلي على شعبنا العربي الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وما يرافقها من تآمر غربي على محور المقاومة والقوى الوطنية في سورية والعراق ولبنان واليمن وإيران، لا بدّ لنا من استذكار ثورة الثامن من آذار، وإحياء ذكراها مهما تكاثرت الخطوب.
وفي هذه المناسبة أقامت اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، ومؤسسة القدس الدولية – سورية، وتحالف قوى المقاومة الفلسطينية ندوة تحت عنوان “ثورة آذار والقضية الفلسطينية” على مدرّج “دار البعث” بدمشق، حيث تم خلالها تسليط الضوء على معاني هذه الثورة المشرقة، وما حملته من معانٍ للنهوض بواقع الأمة، والمضي في معارك التحرير والصمود في وجه المشروع الصهيو-أمريكي وأذنابه. كما تم الربط بين الماضي والحاضر لتأكيد امتداد هذا المشروع، وللتأكيد على ضرورة مقاومته مهما طال ظلام العدوان وأذرعه من تنظيمات الإرهاب.
وبيّن الرفيق سليمان حداد أن سرد الواقع الحالي بحاجة للعديد من الندوات واللقاءات الفكرية، عائداً بالذاكرة إلى نشأة حزب البعث العربي الاشتراكي في وقت متزامن مع النكبة الفلسطينية، وبشكل أدى إلى أن تكون قضية هذا الحزب الأولى هي القضية الفلسطينية،وجوهره الأساسي تحرير أرضها من الاحتلال الإسرائيلي، وباتت ندوات الحزب واجتماعاته ووثائقه ومجلاته وتطلعاته الفكرية تعطي المكانة الجوهرية لهذه القضية على مرّ العقود والمراحل وصولاً إلى ثورة آذار المجيدة، كما تبنى نواب الحزب في البرلمان الموقف الداعم للشعب الفلسطيني مذ كان عددهم 17 نائباً، وساهموا في تحقيق الوحدة مع جمهورية مصر العربية، ومن ثم انطلقت ثورة الثامن من آذار كرد على نكسة الانفصال، ووضعت نصب أعينها إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
ولفت إلى أن ما يحصل اليوم في غزة لا يمكن التعبير عنه بالكلام أو الدموع أو الحزن، لأنه فاق كل صور الإجرام، دون حراك من دول العالم التي باتت أسيرة الصمت والضغوط الأمريكية والغربية، في وقت توسع فيه “إسرائيل” عدوانها، مؤكداً أنه لا حل لاستعادة الأرض وكامل حقوق الشعب الفلسطيني إلا بمواصلة المقاومة ضدّ هذا العدوان الهمجي.
وأشار إلى أن ما أقدمت عليه فصائل المقاومة الفلسطينية في “طوفان الأقصى” لم يكن حباً بالموت بقدر ما هو إيمانٌ بتحقيق الحياة الكريمة لأبناء وطنهم، بعد تحرير أرضهم المغتصبة، لأن “إسرائيل” ترفض السلام ولا تعترف بقرارات الشرعية الدولية، وترفض الانسحاب من الأراضي الفلسطينية وهضبة الجولان المحتلة.
وأكد على موقف سورية الثابت من القضية الفلسطينية ومضيها في استعادة الأراضي المغتصبة في فلسطين والجولان، ورفضها التنازل سواء في زمن القائد المؤسس حافظ الأسد، أو حتى في ظل القيادة الحكيمة للسيد الرئيس بشار الأسد، عن بضعة مئات من الأمتار من الأراضي المحتلة مهما كان المقابل.
بدوره الرفيق الدكتور خلف المفتاح، المدير العام لمؤسسة القدس الدولية – سورية، شدّد على أن فلسطين تمثل المبدأ الرابع من مبادئ الحزب وأهدافه المتمثلة في الوحدة والحرية والاشتراكية، بل واشتمل الحزب عند تأسيسه ضمن هيكلية مكاتبه مكتباً خاصاً لفلسطين لتكون القضية الفلسطينية العنوان الدائم والمستمر لـ”البعث” في كل فعالياته ونشاطاته ومواقفه، لافتاً إلى أن الحزب وضع في طليعة أهدافه تحقيق الوحدة العربية، ومبيناً أن ما جرى عام 1961 كان انقلاباً على هدف الوحدة وشرعيته ولا يمكن اعتباره “إنفصالاً”؛ لأن الوحدة كانت تتمتع بكل الشرعية الشعبية والسياسية في سورية ومصر، وبعد ثورة الثامن من آذار كان هناك اتفاق وتأسيس لوحدة بين سورية ومصر والعراق، ما يؤكد عزم هذا الحزب على تحقيق الوحدة، مهما جرى من مؤامرات وضغوط، بالتلاقي مع قوى التحرر العربية، ومحاولة استنهاض هذا الهدف مهما مرّت الأيام وزادت النوائب.
وتابع الدكتور المفتاح، مع استلام القائد المؤسس حافظ الأسد لقيادة الدولة والحزب، وقيامه بالحركة التصحيحية المجيدة، كانت الخطوة الأولى له هي اللقاء مع مشروع ميثاق طرابلس لتشكيل اتحاد الجمهوريات العربية، والذي كان له عظيم الأثر في صنع انتصار حرب تشرين التحريرية على جبهتي الجولان والقنال التي رفرف عليهما علم تلك الوحدة خفاقاً.
من جانبه أبو حازم الصغير، الأمين العام لحركة فتح الانتفاضة، أكد أن القضية الفلسطينية كانت وما تزال من أولويات القيادة السورية، وحزب البعث، كما كانت ثورة الثامن من آذار من أبرز داعمي الشعب الفلسطيني كمقدمة لأن يكون هناك دور كبير للشعب الفلسطيني في عملية التحرير والمقاومة، في وقت كانت عدد من القوى الرجعية العربية، وبإيعاز من داعيمها في الغرب، تدعو إلى عزل الشعب الفلسطيني عن قضيته، إلا أن ثورة آذار قدمت معسكرات لتدريب الشباب الفلسطيني، وإرسال العمليات البطولية باتجاه الأرض المحتلة، وبذلك كانت سورية سباقة في دعم نضال هذا الشعب، وتعزيز صموده في وجه الاحتلال الغاشم، كما انبثقت حركة فتح من سورية، وكانت الرصاصة الأولى في وجه العدو الإسرائيلي.
ولفت إلى أن سورية ما زالت تدعم كل قوى وقضايا التحرر العالمي مهما تعرضت للضغوط والعدوان، حيث بقيت على مواقفها حتى يومنا هذا، رغم المعاناة الآن من الحصار واحتلال أجزاء من أراضيها، وما رافقها من حروب تنظيمات الإرهاب التي حاولت النيل من الوحدة الوطنية، ولكنها نجحت في إزاحتهم وإفشال مشروعهم، مؤكداً أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تنتهي إلا بانتهاء سورية، وهذا ما عجزت عنه قوى الاستعمار والظلام خلال أكثر من 13 عاماً من الحرب على سورية.
وقال الدكتور حسن أحمد حسن: لا يمكن أن يمر حدث متعلق بالقضية الفلسطينية إلا وفيه شيء من الذاكرة السورية، ومنذ ثورة آذار وحتى هذه اللحظة لا توجد صفحة ناصعة ومشرقة في تاريخ كل الأمة العربية وانتصاراتها إلا وفيها اسم سورية، وبصمتها الوطنية والقومية، وقائدها المؤسس حافظ الأسد، ورئيسها الدكتور بشار الأسد، وحزب البعث العربي الاشتراكي.
وأوضح أن فلسطين في جوهر مبادئ الحزب الثلاثة؛ لأنه لا يمكن الحديث عن وحدة عربية أو تحرر عربي، وقلب الوطن العربي يرزح تحت الاحتلال، لافتاً إلى أن سورية مستمرة في دعم الشعب الفلسطيني والمقاومة مهما اشتد العدوان ضدها وعانت من آلام الحرب والحصار.