“الرؤية الشاملة للسيد الرئيس بشار الأسد” في ملتقى البعث للحوار بجامعة تشرين
اللاذقية – مروان حويجة
أقامت قيادة فرع جامعة تشرين لحزب البعث العربي الاشتراكي، مكتب الإعداد والثقافة والإعلام الفرعي، الجلسة الثانية لملتقى البعث للحوار للعام ٢٠٢٤، تحت عنوان ” الرؤية الشاملة للسيد الرئيس بشار الأسد في لقائه الأخير مع المفكرين والأكاديميين والكتاب البعثيين”.
واستضاف الملتقى كلّا من الرفيقين: الدكتور عدنان أحمد رئيس قسم اللغة العربية في جامعة تشرين، والدكتور مازن جبور دكتوراه في العلوم السياسية – باحث وإعلامي.
وأكد الدكتور أزدشير نصور، الذي أدار الملتقى، حرص الرفيق بشار الأسد، الأمين العام للحزب، رئيس الجمهورية، على اللقاء والحوار حول قضايا فكرية إستراتيجية عامة تستهدف النهوض بالمنظومة الفكرية للبعث والبعثيين في ظلّ الانتخابات التي يخوضها الرفاق البعثيون، بما يؤسس لدور استراتيجي للحزب، وكلك حرصه على توضيح رؤى الحزب وسياساته الوطنية والتي تتولى تنفيذها الحكومة.
وقال الدكتور أحمد أنّه يحقّ لنا أن نفخر بغدٕ أفضل بعد الأفكار التي عرضها الرفيق الأمين العام في لقائه الأخير مع المفكرين، وكان لي شرف أن أكون واحداً منهم ، والسبب المباشر لذلك اللقاء هو الانتخابات الحزبية الجارية، ولكن الحوار كان أوسع من ذلك بكثير، لأنّ الرؤية الموضوعية لا تفصل بين ما هو ثقافي وما هو سياسي، في بلد مثل سورية، كان وما يزال، وربما سيبقى، هدفاً للقوى المخرّبة في هذا العالم.
وقال إنّ انتماءنا القومي قضية ثقافية قبل أن تكون سياسية، وقضية فلسطين والأراضي المحتلة ليست قضية سياسية محضة، بل هي قضية ثقافية أيضاً، ولفت إلى أن الثقافة هي مصنع الوعي السياسي وروح نجاحه، وهي ميدان التحولات الاجتماعية، ومن مهام المثقف صناعة وعي جمعي يحمي المواطن والوطن، وهذا هو سبب اهتمام الدول بالثقافة، والإنفاق غير المحدود في سبيلها.
وأوضح د. أحمد أن الرفيق الأمين العام للحزب أشار بوضوح لا لبس فيه إلى أسباب معاناة السوريين، وأرجع قسماً عظيماً من تلك الأسباب إلى غياب ثقافة الحوار، وهو غياب أدى إلى ضبابية في الرؤية، وهذه أدت بدورها إلى العجز عن سلوك الطريق الصحيح نحو تحقيق الطموحات والآمال؛ وقد أشار إلى أنّ الغاية من اللقاء لم تكن تقديم إجابات عن التساؤلات التي طرحت، بل كانت وضع تلك التساؤلات على طاولة الحوار، ودعا الجميع إلى التفكير الجاد فيها، والتحاور من أجل إيجاد إجابات شافية لها، فأهمية ثقافة الحوار لا تنبع من كونها تؤدي إلى فهم الآخر والتعاون معه من أجل بناء مستقبل أفضل، فحسب، بل من كونها تولّد أفكاراً جديدة على الدوام، أيضاً، فالحوار الصحيح بين شخص وآخر لا ينتهي بمعرفة كل منهما ما لدى الآخر، بل لابدّ من أن تتولّد فكرة، أو أفكار، جديدة لم يكن يعرفها أحدهما من قبل، فالأفكار تتلاقح و تتوالد، وينتج من ذلك أفكار جديدة على الدوام.
وبيّن د. أحمد أن الرفيق الأمين العام أشار إلى أن الحوار يسهم في وضوح الرؤية ومعرفة الأهداف، وبيّن كيف أنّ المفاهيم تتطور بتطور الحياة، لتكون قادرة على مواكبة مستجداتها، ولذلك من الخطأ الاعتقاد بجمودها واتخاذ موقف منها يقوم على هذا الاعتقاد، وأعطى مثلاً على ذلك مفهوم “الاشتراكية”، وأوضح كيف أن هذا المفهوم لم يعد يعني ما كان يعنيه منذ عقود خلت، بل اكتسب مضموناً جديداً يلائم المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الهائلة التي شهدها العالم خلال تلك العقود.
فالبعث عنوانه الشعب، وبوصلته الشعب، والعدالة الاجتماعية من أولى أولوياته، عبر منظور اشتراكي معاصر، يقارب الاشتراكية من منظور سوري جديد، يحفز الاقتصاد، ويراعي النظم الاقتصادية.. منهج يحمي المجتمع من الليبرالية الحديثة التي تجتاح العالم ساعية إلى تقويض مجتمعاته، وتهديم منظوماته الأخلاقية والقيمية وتزييف وعيه، وهذا أمر يقع على مسؤولية الجميع ويتطلب مشاركتهم في صنع سياسات المواجهة من خلال حوارات المجتمع والحزب، وما تنتجه آليات الحوار من مخرجات.
وأكد د. أحمد أن دعوة الرفيق الأمين العام للحزب إلى الحوار هي دعوة إلى الوعي الوطني الذي يجعل الانتماء إلى الوطن فوق كل الانتماءات التي بدأت تتنازع السوريين بقوة خلال سنوات الحرب الظالمة على سورية، وهي دعوة إلى فهم الواقع لتغييره نحو الأفضل، ودعوة لكل السوريين المخلصين إلى المشاركة في بناء سورية الغد، وإلى تحمّل مسؤولياتهم اتجاه وطنهم ومستقبله.
بدوره، أوضح الرفيق الدكتور مازن جبور أن اللقاء مع الرفيق الأمين العام يدلّ على أمرين هما ضرورة التغيير، وإرادة التغيير، سيما أن التغيير سمة أساسية من سمات حزبنا، وهذه السمة كانت حاضرة في مرحلة التأسيس الأولى، ولم يتبنَ الحزب نظريات جاهزة، وتحوّل إلى حزب عقائدي يقاتل إلى جانب الجيش العربي السوري، وبمرور الزمن حصلت فجوات إيديولوجية اقتصادية ثقافية، وهي بحاجة إلى ردم بعد عقود من التأسيس. والسؤال المطروح حول دور ومكانة حزب البعث في الواقع السوري، ولاسيما بعد أن كشفت الحرب عن مشاكل جوهرية، ومنها حول مدى تركيز الحزب على الكم وتخليه عن النوع والكيف، في حين من المهام الأساسية إعداد الكوادر البعثية.
وأشار د. جبور إلى أنّ الشفافية المطلقة التي تحدث فيها الرفيق الأمين العام كانت فوق تصور جميع الحضور بما تحدث به عن الفجوة بين الإيديولوجيا والواقع، وحالة النفور خلال سنوات الحرب، وكيفية المقاربة بين الإيديولوجيا والواقع في حزب يتبنى الاشتراكية هدفاً بما يتطلبه ذلك من تطوير البنى مثل الأدوات تماماً، وكيف يمكن الحفاظ على دور الحزب ليتسع ويشمل شرائح المجتمع كافة، وهل بالضرورة أن يكون منظرو البعث من البعث، وفي وقت نحن فيه أمام مرحلة قادمة يقترب فيها الحزب أكثر من الجماهير وطنياً. وأوضح د. جبور أن اللقاء شكّل انطلاقة جديدة في العمل الحزبي نحو رؤية جديدة تكون فيها الانتخابات استنباطا لرؤية ومعايير، ومنها نسبية المفاهيم، وبالتالي يكون الحوار تفعيلا وتطويرا للرؤية باتجاه إنتاج الحلول، وتحويل الأفكار إلى حلول وآليات تنفيذية، وفي نفس الوقت يجب أن تمثّل الحوارات رؤية الغالبية مع تحويلها إلى خطط وبرامج عمل.
ولفت إلى أن الانتخابات يجري التركيز عليها، ولكن ينبغي عدم المبالغة في نجاحها، وأيضاً لا نقلل من شأنها، لأن الانتخابات هي جزء من مسار إصلاح، مع التركيز على وضع المعايير الهادفة لتوسيع المشاركة والتركيز على القواعد لأنها الركيزة والأساس، والعمل على تطوير وتقييم العملية الانتخابية لأجل المرحلة القادمة. وأوضح أن الإشكال قد لا يكون في المرشح فقط، وإنما في الناخب نفسه، ولذلك يتم تعزيز الانتخابات بإجراء المزيد من الانتخابات، وهذه الانتخابات ليس معيار نجاحها الأسماء، وإنما بسلاسة الإجراءات والمخرجات، وبالتالي المنافسة تكون على أساس الإنجاز، وليس على أساس الأصوات، وتحويل المخرجات إلى معايير.
وعرض د. جبور لقضايا عديدة تضمنها اللقاء بما يخص الآليات والتجربة الانتخابية والحامل الاجتماعي ومفهوم المرشح الأكفأ والمرشح الأفضل وعلاقة العدالة في التمثيل، وعلاقة الحزب بالمؤسسات وكيفية تجسيد الثقة، واستعادة الحزب لدوره بين الناس بشكل أوسع وعلاقة الحزب بالحكومة وإدارة التنوع في المجتمع.
وشهدت الجلسة مداخلات حوارية قدمها الحضور حول تطوير وسائل التثقيف الحزبي، واعتماد وسائل غير تقليدية، وآلية تنفيذ الرؤية السياسية والتنظيمية على مستوى الجهاز الحزبي، والأطراف الأخرى في الحوار وماهيتها وموقعها، وأولوية ترسيخ الثقة من البعثيين قبل غيرهم بدور وموقع وفاعلية الأداء الحزبي ودور الحزب، وآلية التعاطي مع تغيير المفاهيم وقضايا تنظيمية وفكرية وانتخابية.