أصوات فرنسية.. لا للحرب ضد روسيا
تقرير إخباري
في عام 1991، طلبت فرنسا في عهد فرانسوا ميتران من حلف شمال الأطلسي، عدم التوسّع نحو الشرق، لكن نيكولا ساركوزي المؤيّد لنظام عالمي جديد تحت النفوذ الأميركي، اقترح عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي على الرغم من معارضة الروس، وقد ضمن فرانسوا هولاند وأنجيلا ميركل في اتفاقيات مينسك في عام 2015 البند الذي يرفض انضمام أوكرانيا إلى الناتو، واعترفوا مؤخراً بتوقيعهم على هذه الاتفاقيات دون نيّة إنفاذها لمنح أوكرانيا الوقت لتسليح نفسها.
ومنذ ذلك الحين لم تسِر الأمور على ما يرام، حيث ضحّت القوى المتعاقبة بالخدمات العامة والمدارس والنظام الصحي وغيرها، وحوّلت المواطنين إلى حيوانات استهلاك سلبي، مدعومة وخالية من الفكر المستقل، وكان رفض ساركوزي لنتائج استفتاء عام 2005 سبباً في تفاقم عزلة الفرنسيين عن السياسة.
منذ أربعين عاماً، يحاول أنصار النظام العالمي الجديد فرض أوهامهم غير القابلة للتفسير، فيقتلون العالم والإنسانية بعد أن جعلوا الشباب يسيرون “لإنقاذ الكوكب” متناسين الجنس البشري. فبعد انتشار حقن الحمض النووي الريبوزي التجريبية التي تقدّم بشكل فاضح كلقاحات قادرة على تعديل التراث الجيني البشري، وبعد التضحية بالمسنين والمعاقين والوفيات التي تتكاثر في غرف الطوارئ خلال فترات الانتظار التي لا نهاية لها، ثم تمجيد الإجهاض بإدراجه في الدستور، وينتقل العالم إلى الرغبة في تشريع القتل الرحيم المنتشر على نطاق واسع.
ولمساعدة الشعبين الأوكراني والروسي، كان ينبغي على فرنسا أن تبقى على الحياد وأن تتصرّف كوسيط للسلام كما فعلت بنجاح خلال الحرب الروسية الجورجية في عام 2008، كما شكّلت اتفاقيات مينسك الموقعة في 5 أيلول 2014 حلاً موثوقاً للتسوية السلمية للحرب في دونباس، إلا أن فرنسا وألمانيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي أشرفت على مفاوضات مينسك وكانت الضامنة لها، لم تشجّع أوكرانيا على تنفيذ الاتفاقيات، في حين دفعتها الولايات المتحدة نحو التعنّت الذي يؤدّي حتماً إلى استئناف الحرب، وكما قال جاك بو في كتابه: “لو قامت فرنسا بواجبها لما قامت الحرب!”، مضيفاً: إن سياسة ماكرون المؤيّدة لزيلينسكي كلّفت فرنسا الكثير بالفعل. هذه السياسة المؤيّدة للحرب التي يتبعها قادة فرنسا بعيداً عن تعزيز السلام، تعمل على إطالة أمد الحرب ومعاناة المتحاربين، وقد ساهمت في تدمير فرنسا والفرنسيين، وتدمير الأعمال التجارية الفرنسية في روسيا: في نهاية عام 2021، سجّلت فرنسا وروسيا حجم تبادل اقتصادي أعلى مما كان عليه قبل فرض العقوبات في عام 2014. إن خسارة الاستثمارات والأنشطة في روسيا والأرباح المستقبلية تؤدّي إلى تفاقم العجز في الميزان التجاري وإفقار الفرنسيين، وتسبّب تمديد عقوبات الاتحاد الأوروبي بالفعل في حرمان كبير للفرنسيين: ارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة، وتدمير الزراعة بسبب الواردات الأوكرانية من القمح والدجاج، ومليارات الدولارات. تم إرسال الأموال السحرية إلى أوكرانيا بينما لا يوجد شيء تقريباً للمزارعين والمستشفيات والشرطة والعدالة، وهذا ما يفسّر معارضة 90% من الفرنسيين للمقترحات المجنونة التي قدّمها ماكرون والتي تعرّض الجنود والسكان للخطر في صراع لا يتعلق بمصالح البلاد، إذ يريد ماكرون والعديد من القادة الغربيين فرض الحرب على الآخرين لإنقاذ نظامهم العالمي الجديد.
هيفاء علي