هل تطيح حرب غزّة بآمال بايدن؟
د. معن منيف سليمان
أدّى دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، إلى تراجع شعبيته بشكل ملحوظ بين العرب والمسلمين الأمريكيين، وهم كتلة كبيرة حسمت فوزه في ولاية “ميشيغان” بفارق ضئيل عام 2020، على منافسه “دونالد ترامب”. ومن شأن هذا التراجع أن يؤثّر سلباً في انتخابات تشرين الثاني المقبل، وربما يكون ضربة قاضية تطيح بآمال “بايدن” في الانتخابات المقبلة.
وكان الرئيس “بايدن” واضحاً في تصريحاته منذ أحداث السابع من تشرين الأول الماضي فيما يتعلّق بدعمه للكيان، وكان يصرّح جهراً وعلانيّة أنّ “لـ”إسرائيل” الحق في الدفاع عن نفسها، وتجلّى ذلك أيضاً في الدّعم السخي بالمال والعتاد العسكريّ، ومواقفه المؤيّدة بشكل فظّ للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزّة التي تجاوز فيها الحدّ المألوف لأسلافه من رؤساء الولايات المتحدة.
وتعدّ ولاية “ميشيغان” محطّة حاسمة في السباق إلى البيت الأبيض، حيث تمتلك ستة عشر مقعداً في المجمع الانتخابي الذي يختار الرئيس الأمريكي، وعلى الرّغم من الفوز السهل الذي حقّقه “بايدن” في الانتخابات التمهيديّة الرئاسيّة للحزب الديمقراطي في هذه الولاية، إلا أنّ التصويت الاحتجاجي للأمريكيين من ذوي الأصول العربيّة والإسلاميّة الغاضبين من دعمه للحرب الإسرائيليّة الوحشيّة على قطاع غزّة حمل رسالة تهديد قد تعصف بآمال الرئيس “بايدن” في الفوز بولاية رئاسيّة ثانية.
فقد أفادت المقاطعات في نتائج أوليّة أنّ ستة عشر بالمئة من الديمقراطيين في الولاية صوّتوا بـ”غير ملتزم” بدلاً من إعطاء أصواتهم للرئيس الحالي، في إطار حملة احتجاجيّة لحمل الرئيس “بايدن” على الحدّ من دعمه غير المحدود للكيان.
وتشهد ولاية “ميشيغان” الآن حراكاً للديمقراطيين العرب والمسلمين الداعمين للقضيّة الفلسطينيّة يدعو إلى مقاطعة بايدن وعدم التصويت له في الانتخابات الرئاسيّة. وقد أطلق هؤلاء حملة في الولاية تحثّ الناخبين على التصويت بـ”غير ملتزم” في الانتخابات التمهيديّة للحزب الديمقراطي، احتجاجاً على موقف “بايدن” الداعم لـ”إسرائيل” في عدوانها الهمجي على غزّة.
ولم تقتصر حملات المقاطعة للرئيس “بايدن” على الديمقراطيين من الأمريكيين ذوي الأصول العربية والإسلامية، بل هناك عدّة حملات في ولاية “ميشيغان” تطالب بمقاطعة بايدن مثل حملة “بيرني ساندرز”، كما أنّ الأصوات بدأت تعلو داخل الحزب الديمقراطي نفسه ضدّ دعم “بايدن” للكيان، ما يمنح منافسه “ترامب” فرصة حقيقية للتفوّق عليه وربما الفوز في الانتخابات المقبلة.
“بايدن” يواجه صعوباتٍ وتحدّياتٍ جليلة في الانتخابات القادمة، إن لم يحصل على أصوات الناخبين في الولايات التي فيها أمريكيّون من أصول عربيّة وإسلاميّة. وفي هذا الصدد قال أحد كبار مستشاري حملته الانتخابية: إنّ “الحزب تضرّر من دعمه لـ”إسرائيل” بشكلٍ يفوق ما كان متوّقعاً”.
ويميل الأمريكيّون الأصغر سنّاً والمحسوبون على الجناح التقدمي، إلى جانب العرب الأمريكيّين، نحو رفض دعم الرئيس “بايدن” للحرب الإسرائيليّة على غزّة والمجازر ضدّ المدنيين الناجمة عنها. وحسب استطلاعات الرّأي الأخيرة تدنّت شعبية “بايدن” ووصلت إلى أدنى مستوياتها، حيث إن نحو أربعين بالمئة من الشعب الأمريكي لا يؤيّدون أداءه، وثلث الأمريكيين فقط يؤيّدون سياسته الخارجيّة.
وقال مسؤولون أمريكيّون: “إنّ الغضب من تعامل “بايدن” مع حرب غزّة وحياده المطلق لـ”إسرائيل” قد يؤدّي إلى تراجع تأييده”.
وجسّدت حادثة وفاة الطيار الحربي بالجيش الأمريكي “آرون بوشنيل” الذي أحرق نفسه أمام سفارة الكيان بواشنطن احتجاجاً على الإبادة الجماعيّة في غزّة، حالة الاحتجاج والرّفض الشعبي الأمريكي المتصاعد ضدّ موقف بايدن في التعاطي مع العدوان الإسرائيلي على غزّة. ونتيجة هذا الحادث الرهيب قدّم مسؤولون في إدارة “بايدن”، استقالاتهم احتجاجاً على الدّعم الأمريكي غير المحدود لـ”إسرائيل” في قتل المدنيين في غزّة.
وتجسّد المسيرات المؤيّدة لفلسطين في كل من واشنطن ونيويورك وسان فرانسيسكو وغيرها من المدن الأمريكيّة، حالة من الاحتجاج على انحياز “بايدن” الكلّي لـ”إسرائيل”، حيث طالب المتظاهرون بمحاسبة “إسرائيل” على جرائمها الوحشيّة ضدّ المدنيين في غزّة، ما يعكس مزاجاً عامّاً رافضاً لموقف “بايدن” من الحرب قد يطيح بآماله في الفوز بولاية رئاسيّة جديدة.