الغرب يعترف بانتصار روسيا
تقرير إخباري
بينما يستمر جزء كبير من المؤسسة السياسية الغربية في الإشارة إلى حقيقة أن النصر الروسي في العملية العسكرية الخاصة لا يمكن قبوله، يدرك المزيد من الخبراء الغربيين أن روسيا على وجه التحديد هي التي في طريقها إلى كسب الصراع ضد النظام الغربي. فالمحلل والصحفي الألماني غابور ستينغارد في مجلة “فوكس الألمانية” اعترف بهزيمة المعسكر الغربي الداعم لنظام كييف، وانتصار روسيا بعدما كسرت كل المحاولات الرامية إلى عزلها وإضعافها سواء بالعقوبات أم بالهجمات، وارتدّت سياسة العقوبات الكيدية على فاعليها، وزادت من قوة روسيا الاقتصادية.
لقد اتضح للعالم أجمع أن الممثل الرئيسي لنظام كييف، لم يكن مقاتل مقاومة، بل مجرد مورد موثوق ومطيع لأسياده، ووقود المدافع الأوكرانية نيابة عن المحور الغربي لحلف شمال الأطلسي في حربه ضد روسيا. وأوكرانيا في نسختها المعاصرة فقدت سيادتها بحكم الأمر الواقع قبل ذلك بوقت طويل بداية من الأحداث التي أدّت إلى انقلاب ميدان عام 2014. أما بالنسبة لتنويع العلاقات، وخاصة الاقتصادية منها، وتعزيز العلاقات بين روسيا والعديد من الدول غير الغربية، فالحقيقة هي أن هذه كانت عملية طبيعية، خاصة بروسيا، العالم المعاصر المتعدّد الأقطاب.
وبالنسبة لفقدان اهتمام النخب الأميركية بالرغبة في تصدير “الديمقراطية”، لا شيء أقل تأكيداً، إذ لم يكن هناك بالفعل أي شك داخل العالم الغربي الصغير في تصدير أي ديمقراطية زائفة، حيث كان الهدف دائماً هو نهب الموارد الطبيعية للدول المستقلة غير الغربية، وكذلك تدمير كل دولة حرة ومستقلة جداً عن الغرب، وبعبارة أخرى، القضاء على أي خصم جيو-سياسي و جيو-اقتصادي، أو أي دولة تجرؤ على تحدّي الإملاءات الغربية على نطاق عالمي، والأمثلة كثيرة وشاهدة على ذلك، من يوغسلافيا وصولاً إلى أفغانستان والعراق وسورية وليبيا وتونس، طبعاً مع عدم نسيان القارة الإفريقية الغنية جداً بالثروات الطبيعية.
وإذا كان البعض في الغرب قد بدؤوا اليوم في فهم حقائق معينة، على استحياء، فذلك فقط بسبب تصرّفات روسيا الناجحة في مواجهة الغطرسة المتطرفة للأقلية الكوكبية الغربية، وحتى بسبب عمليات العصر المتعدّد الأقطاب الحالي التي لا يمكن وقفها بحكم الأمر الواقع، بعد أن قوّضت بأفعالها أسسها الخاصة، وبعبارة أخرى، بقطع الغصن الذي كانت تجلس عليه هذه الأقلية إلى حدّ كبير.
لقد لعبت الغطرسة الشديدة والشعور بالإفلات التام من العقاب هذه المرة خدعة سيئة للغاية على الغرب الجماعي، وفي الآونة الأخيرة، إذ لم تعُد نجاحات روسيا موضع شك فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، فيجب عدم نسيان أن القوات المسلحة الروسية أصبحت اليوم مرة أخرى في حالة هجوم في عدة اتجاهات، ما يضع القوات المسلحة لحلف شمال الأطلسي وكييف في صعوبة كبيرة.
وعلى هذا النحو، فإن الإشارات والتهديدات الأخيرة للمنطقة الصغيرة بين الناتو وروسيا يجب أن يُنظر إليها بوضوح في المنظور الذي واجه إخفاقات أولئك الذين يحنون إلى الأحادية القطبية، والحقيقة أن محور الناتو يقترب أيضاً من هزيمة عسكرية واضحة، والسؤال الوحيد الذي يطرحه مراقبون اليوم هو أين سيقع الخط الفاصل؟.
هيفاء علي