ثقافةصحيفة البعث

في عيدها… أم الشهيد تُزين دلالات العيد والأم سورية شمل عطاءها العالم بأسره

طرطوس – دارين حسن     

يوم الـ٢١ من آذار في وطننا له وقع خاص مختلف لا يشبه أي يوم آخر، فرائحة البخور تعبق في النفوس، ولا سيما أنه في كل بيت شهيد وقصة وحكاية حزن ممزوجة بفخر واعتزاز، ففي يوم عيد الأم وفي حضرة أم الشهيد تتعاظم معاني ودلالات العيد، لتكون المعايدة الأسمى والأغلى لأمهات شهداء الوطن اللاتي قدمن فلذات أكبادهن، وصبرن على استقبالهم شهداء بالزغاريد والورود والرياحين، وعلّمن أبنائهن الدفاع والاستبسال في سبيل الذود عن الوطن الغالي مهما كثرت المؤامرات واشتدت المحن.

عند كل والدة شهيد حكاية ورواية لا تشبه الأخرى، لكن أمانيهن ورسالتهن تتوحد على محبة الوطن وتعزيز الولاء والانتماء له بصونه لتبقى رايته خفاقة في سماء العز.
في هذه المناسبة الغالية كان لـ”البعث” شرف اللقاء مع سهيلة العجي، والدة الشهيد المهندس بنيان ونوس، وزوجة الشهيد العميد الركن بدر ونوس، التي وجهت رسالة في عيد الأم خاطبت فيها أمّهات وطننا الغالي، وأمّهات الشهداء والعالم، في عيد الأم وعيد المعلم وعيد المرأة العالمي، قائلةً: الخلود لأبناء النور شهداؤنا الأبرار الذين وبتضحياتهم نعيش، ولولا دماء الشهداء لا كنا ولا كان الوطن ..طوبى لكنّ، فأنتنّ صانعاتُ المجد، أنتنّ الأقربُ إلى الله عند انبثاقِ لحظة تجلي الوحي الكامن فيكنّ منذ الأزلِ وإلى الأبد… بوركت أمّاً، وحبيبةً، وزوجةً، وصديقةً لأنّكِ أنتِ الحياة.
وتابعت: إلى حوّاء الجبلِ مرجُ الزّهرِ، وحقلَ القمح، ياباب السّلامِ الذي لا بدّ للبشريّةِ جمعاء من أن تمرّ خلاله.. أيتها الواحة الوحيدة في صحراء هذا الكون.. يا أيتها المنارة الرّاكعة أبداً على شاطئ المحيط بانتظارِ عودةِ هذا العالم سالماً…
هنيئاً لكِ لقد ربحت القضيّة هاجسكِ الأبديّ، وكنت فيها الأم والمربية، والضابطة والمعلمة، و الإعلاميّة البارعةُ المبدعةُ، المتميّزة والنّجمةُ السّاطعةُ دوماً، وكنت الانتصار يا أم أبطال.
وأردفت والدة الشهيد ونوس: إذا أردت أن تعرف حضارة أي شعب فانظر إلى حياة المرأة في هذا الشعب، وإذا كنّا نريدُ لمجتمعاتنا أن تنمو وتزدهر، فلا بدّ من أن تأخذَ المرأة دورَها كاملاً، وأن تُهيَّأ لها كلّ العوامل الاجتماعية والثّقافية والقانونية لذلك، وخاصةً في هذه الظّروف الصّعبة التي تمرُّ بها بلادنا التي جعلت من المرأة مسؤولة عن الأسرة وتلعب دور الأب والأم معاً.
وبصوت العزة والكرامة وبشعور الفخر والنصر عبّرت سعده حسن، والدة الشهيد العقيد يوسف حسن، عن أعتزازها بشهادة ابنها، وبكل جندي قدّم جسده الطاهر فداء كرامة وعزة البلاد، معتبرةً أن الذود عن الوطن هو أسمى القيم والمعاني، وأن الشهادة قيمة عليا خص الله بها بعض البشر، وأن الوطن غال وواجب أبنائه الدفاع عنه والاستبسال في سبيل عزة وكرامة أبنائه.
ولقد كانت ذكرى عيد الأم عظيمة لدى السيدة بصيطة ديوب، والدة الشهيد نائل إبراهيم، الذي استشهد يوم عيد الأم منذ سبع سنوات بعد أن طلب الشهادة حتى أكرمه الله بها، حيث أكدت والدته اعتزازها بشهادته لأنها شرف وإخلاص للوطن ولترابه.
ديوب والدة شهيد وأخت شهيد وعمة لأربعة شهداء وخالة لثلاثة شهداء، رووا جميعاً بدمائهم الطاهرة ثرى الوطن الغالي لتنبت شقائق النعمان، وليبقى الوطن عزيزاً منيعاً، موجهةً نداء لكل أمهات الوطن بعد معايدتهن أن لا يبخلن في إمداد ساحات الوطن بالأبطال حفاظاً على كرامته وعزته.
بدورها لفتت عضوة قيادة فرع طرطوس للحزب الرفيقة ندى علي، إلى أن عيد الأم مناسبة اجتماعية تحمل دلالات كثيرة، لأن الأم ريحانة الوطن وخليته الأولى، تسمو بسموه وتشمخ به، والأم مدرسة بمعناها الواسع، تربي أولادها وتعلمهم أفضل تعليم كي يكونوا فاعلين في بناء الوطن الذي نعتز ونفتخر أننا نعيش فوق أرضه الطيبة الخيرة، مبينةً أن المرأة طاقة وطنية كبرى تحقق في حال استثمارها عملية التكامل في البناء والتحصين، كما أثبتت المرأة وجودها بالشكل المطلوب، ولا سيما المرأة السورية خلال الأحداث التي مرت على سورية، فكانت مثالاً في العطاء وتحمل المسؤولية والتحدي واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة هذه الحرب.
ورأت الرفيقة علي أن للمرأة دور كبير في حب الوطن وبقائه، ولولاها لما كانت هذه الأمة ولما كان الوطن الذي لا يزدهر ولا يقوى إلا بمن بذلن كل شيء من أجله، وقدمت الشهيد تلو الآخر واستقبلته بالزغاريد والورود حتى تحافظ على الأرض، ولا يوجد شيء أفضل من تقديم الروح ليعيش أبناء الوطن بأمن وأمان.
وأشارت الرفيقة علي إلى أن المرأة في نضال دائم ومستمر لمجابهة كل المحن والمؤامرات التي تحاك ضد الوطن جنباً إلى جنب مع زوجها وابنها ووالدها وشقيقها، ورغم تأثرها بالأوضاع تبقى المرأة السورية النموذج والأيقونة التي نفتخر بها، لافتةً إلى أن سورية هي أم الجميع لم تركع ولن تتنازل عن قراراتها الوطنية، وستبقى كما يعرفها الجميع صخرة تتحطم عليها كل المؤامرات وستخرج من المرحلة الحالية أكثر قوة، ومؤكدة أنها تستحق منا جميعاً الصدق والتضحية والوفاء لأنها أعطت الكثير ليس لشعبها وللمرأة فحسب، بل للعالم أجمع.