احترافنا الرياضي منقوص ومفهومه مالي بحت!
لم يكن اجتماع المجلس المركزي للاتحاد الرياضي العام الذي عُقد الأسبوع الماضي عادياً، ولأول مرة ظهرت فيه مناقشات هامة وجادة تتعلق بمفهوم موضوع الاحتراف الذي دخل حيز التطبيق الفعلي له عام 2002 وكان وقتها مثار بحث وجدل، وكانت ردود الأفعال متناقضة تجاهه، وأجمعت كلها في النهاية على أن الأرضية التي انطلقت منها كانت هشة والآلية خاطئة مئة بالمئة ولهذا السبب أتت النتائج سلبية في كثير من الأحيان؟
الآن عاد الطرح مجدداً لمناقشة نظام الاحتراف الذي مازال حبراً كثيراً ولم تتبلور كامل عناصره وشروطه على أرض الواقع رغم مرور أكثر من عقدين على دخوله أجواء الرياضة السورية، وتحديداً من بوابتي ولعبتي القدم والسلة، وتؤكد الوقائع والشواهد والتجارب أن أهم شروط نجاح مفهوم الاحتراف هو أن تمتلك الأندية ميزانيات وملاعب خاصة بها وتتمتع باستثمارات مستقرة ومستمرة ويديرها مجالس إدارات متخصصة في العمل الرياضي والاستثماري والتسويقي والاداري، والسؤال المطروح هل هذه الأمور مجتمعة مطبقة في المشهد الرياضي، أو بعبارة أدق هل نملك مؤسسات رياضية الطابع ومتخصصة بالتطوير الرياضي الاحترافي تفرز في النهاية لاعباً وادارياً وقيادة محترفة بكل مفاصلها؟
هذا الواقع جعل الحكومة تشكل مؤخراً لجنة متخصصة مهمتها تقدير بدلات الاستثمار في الأندية والمدن الرياضة والمنشآت وفق الوضع الراهن، وحسناً فعل المجلس المركزي عندما أقر بالاجتماع الأخير تشكيل لجنة لدراسة واقع الاحتراف الرياضي بما يتواءم مع الواقع الرياضي الحالي.
لا شك أن موضوع الاحتراف وخاصة موضوع عقود اللاعبين المحليين وكذلك التعاقد مع اللاعبين الأجانب، وسوية هؤلاء اللاعبين، أمر من المهم بحثه ومناقشته للوصول لصيغة ترضي جميع الأطراف ما بين الأندية واللاعبين المحليين والأجانب، فالنقطة المهمة تتمثل بالتناقض بين العقود الموقّعة وقيمتها على الورق وبين الأرقام الحقيقية التي تدفع بطرق فيها احتيال على قوانين الاحتراف المطبقة برياضتنا، ولهذا يجب أن يكون هناك تقييم حقيقي واقعي وأن تكون العقود متناسبة مع ميزانية كل نادٍ وإمكاناته بحيث لا يكون هناك أعباء مالية.
الكثير من آراء خبراء الرياضة وجدوا أن الاحتراف فهم لدينا فقط من زاوية الشق المالي أو ما يدفع للاعب أو المدرب من عقود مالية، وهذه الآلية أثبتت فشلها الذريع والفهم القاصر، وهو ما عجل بانهيار هذا المفهوم، والدليل استقالة رئيس هذا النادي أو انسحاب ذاك الداعم، ولنا في أندية الكرامة والجلاء والوحدة والأهلي أمثلة وشواهد دقيقة للحكم على فشل هذه التجربة التي انطلقت في معظمها من زاوية تحقيق طموحات وألقاب آنية، وعدم البناء والتأسيس في مسألة الاحتراف بشكل متدرج وبطريقة تضمن للأندية عناوين البقاء والاستقرار والاستمرار، ولا تتأثر بغياب واستقالة رئيس هذا النادي وغياب ذلك الداعم.
المسألة باتت وقفاً على اللجنة التي شكلها المجلس المركزي، وهي المعنية الآن بوضع نظام جديد للاحتراف يكون منصفاً لكافة أطراف الرياضة، على أمل ألا يطول هذا الموضوع لما له أهمية في المستقبل القريب.