الإرهاب يضرب مجمع كروكوس في موسكو
تقرير إخباري
هجوم إرهابيّ على أحد المجمعات التجارية الضخمة في ضواحي موسكو، كانت نتيجته حدوث فاجعة رهيبة، اهتزّت لها العاصمة الروسية وتداعت لها دول العالم بالإدانة والشجب لما خلّفه من صدمة مروّعة وعشرات الضحايا الأبرياء المسالمين، وسط تضارب حول الجهة المنفذة ومن يدعمها، مع تواصل التحقيقات مع بعض المعتقلين من الجناة الإرهابيين الذين قاموا بتنفيذ الجريمة وحاولوا التسلل هرباً إلى خارج أراضي روسيا الاتحادية.
ونتيجة لهذا العمل الإجرامي وعدد الضحايا الأبرياء، سارع العديد من دول العالم لشجب الإرهاب والتطرّف، وإدانة الجريمة البشعة، وقدّم واجب العزاء للقيادة الروسية في الضحايا الأبرياء، مستنكراً الأعمال الإرهابية الإجرامية التي تستهدف زعزعة الاستقرار والأمن، وتتنافى مع القانون الدولي والشرعية الدولية. هذا الحادث المأسوي المؤلم، وهو الأسوأ في العاصمة الروسية موسكو منذ ما يقرب من عقدين، جاء في خضم أوضاع عالمية متقلبة وساخنة، وحروب ونزاعات وصراعات متعدّدة، وتنافر شديد بين جمهورية روسيا الاتحادية وخصومها الغربيين الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا.
هذه العملية الإرهابية دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القول: إن منفّذي مجزرة كروكوس حاولوا الهروب من الأراضي الروسية إلى أوكرانيا قبل اعتقالهم غربي موسكو، وبعد أن تم الإعلان عن يوم حداد وطني ٢٤ آذار، توعّد بمعاقبة كل المسؤولين عن الهجوم وداعميهم، وقال: لا يستطيع أحد زعزعة استقرار روسيا وأمنها، بينما أطلق نائب الرئيس في مجلس الأمن القومي السيد ديمتري ميدفيدف تهديداتٍ نارية تجاه أوكرانيا إذا أثبتت التحقيقات الجارية ضلوعها في الهجوم الإرهابي، كما أنّ الولايات المتحدة الأميركية قامت بالدفاع عن حليفتها أوكرانيا وهي تدعمها بكل ما تملك من أسلحة وذخائر وأموال بالمليارات، ويبدو أن هذه الأزمة الحادّة لا تزال مستمرة في تفاعلاتها، وهناك خشية من خروجها عن السيطرة بسبب التداعيات السلبية الخطيرة والاستحقاقات الواجبة على جميع الأطراف دون استثناء.
التحقيقات الأولية تؤكد أنّ الجهة المسؤولة عن تنفيذ الهجوم الإرهابي ما زالت مجهولة وغير واضحة، وبعد أن روّج الإعلام الغربي الأمريكي والأوروبي لبيان منسوب إلى تنظيم (داعش) الإرهابي يتبنى فيه الهجوم، سارعت القيادة الروسية إلى التشكيك فيه، وبثت وسائل الإعلام التابعة لها اعترافاتٍ لأحد المعتقلين من الجناة الإرهابيين أقرّ فيها بتجنيده من جهة لم يسمّها صراحةً بالقتل العشوائي لعدد كبير من الضحايا مقابل خمسة آلاف دولار، وإذا صحّ هذا الاعتراف فإن هذه القضية ستتفكك تشابكاتها وتُكشف أسرارها، وربما تتخذ الاعترافات منحى آخر، وقد ينتهي بها المطاف إلى توجيه الاتهامات إلى بعض أجهزة الاستخبارات الغربية بالتورّط بشكلٍ رئيسي في الهجوم، وهو ما سيضاعف حالة التشنج الروسي التي سيكون ردّ فعلها عنيفاً، وقد يؤدّي إلى تصعيد التوترات ويزيد من اتساعها، ليس في أوكرانيا فحسب، بل في معظم نقاط التصعيد الساخنة في العالم.
ممّا لا شك فيه أنّ الإرهاب والتطرّف وقتل المدنيين الأبرياء من أبشع صور الاعتداء على الناس، وأيّاً تكن الجهة التي نفّذت المجزرة فإن هذه الجريمة البشعة تتطلّب وحدة الموقف الدولي، ورفضها وشجبها وإدانتها دون أي تردّد أو تباطؤ ، فما يجري في العالم من أحداث وصراعات دامية لا يحتمل مزيداً من التناحر والانقسامات.
ريا خوري