“معاداة السامية” ذريعة جاهزة
تقرير إخباري
قبل عقدين فقط من الزمن، كان الفرق بين معاداة السامية وانتقاد “إسرائيل” واضحاً بما يكفي حتى لوزير خارجية الولايات المتحدة، ففي المؤتمر الذي عُقد في برلين حول ما يُسمّى “معاداة السامية” في عام 2004، قال وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول: “إن انتقاد إسرائيل ليس عداء للسامية”.
وبعد قرابة الـ20 عاماً، صوَت مجلس النواب الأمريكي في الخامس من كانون الأول عام 2023 بأغلبية ساحقة لمصلحة قرار ينص على مساواة معاداة الصهيونية بالسامية، وحظي التصويت بدعم أغلبية أعضاء مجلس النواب، وصدّق المجلس على القرار غير الملزم بأغلبية 311 صوتاً مقابل 14 صوتاً (13 ديمقراطياً وجمهوري واحد)، وصوّت 92 من الديمقراطيين بـ”حاضر” ما يعني عملياً الامتناع عن التصويت، وحظي الإجراء الذي رعاه الجمهوريون بدعم كل جمهوري في مجلس النواب باستثناء عضو واحد، بالإضافة إلى 95 ديمقراطياً.
وصلت تهمة “معاداة السامية”، التي أُثيرت لفترة طويلة لحماية “إسرائيل” من الانتقادات إلى ذروة السخف منذ 7 تشرين الأول، حيث أصبح يُطلق على أي شخص يجرؤ على انتقاد “إسرائيل” الآن إرهابي ومعادٍ للسامية، كما تجرّأ المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة على اتهام الأمين العام للأمم المتحدة بـ”الانحراف الأخلاقي”.
عندما سألت الصحفية إيمي غودمان في مقابلة أجرتها مع الوزيرة السابقة في الحكومة “الإسرائيلية” شولاميت ألوني عام 2002 قائلة: “في كثير من الأحيان عندما يكون هناك معارضة في الولايات المتحدة ضد سياسات الحكومة “الإسرائيلية”، يُطلق على المعارضين اسم معادين للسامية، ما هو ردّك على ذلك كيهودية إسرائيلية؟”.
فأجابت: “حسناً، إنها خدعة نلجأ إليها دائماً، وعندما ينتقد أحد الأوروبيين “إسرائيل”، فإننا نبرز قصة المحرقة، وبالتالي عندما ينتقد الأمريكيون “إسرائيل” فهم معادون للسامية”.
وأضافت: إن هناك “إسرائيل”، إذا كانت بلدي على صواب أو خطأ فنحن غير مستعدين لسماع النقد، فمعاداة السامية والمحرقة و”معاناة الشعب اليهودي” يتم استغلالها، لتبرير كل ما نفعله بالفلسطينيين.
بالعودة إلى ما قاله باول عام 2004، كان واضحاً آنذاك بالنسبة لشخصية مؤسسية مثله، الفرق بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، وما إذا كانت “إسرائيل” على صواب أم على خطأ، ولكن يبدو أن هذا الأمر قد أكل عليه الدهر وشرب وأصبحت خدعة معاداة السامية شمّاعة.
سمر سامي السمارة