دراساتصحيفة البعث

تحالف جديد لا يبشر بخير في “الهندي والهادئ”

عائدة أسعد

وسط تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي، أفادت تقارير بأن الولايات المتحدة واليابان والفلبين ستطلق دورياتٍ بحرية مشتركة في المياه في وقت لاحق من هذا العام، وبالتالي فإن مثل هذه المناورات العسكرية، التي تخدم المصالح الذاتية وغير المسؤولة بطبيعتها، لن تؤدّي إلا إلى الإضرار بالجهود الرامية إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة.

وحسب موقع بوليتيكو الإخباري، ستكون الدوريات المشتركة جزءاً من حزمة المبادرات التي سيكشف عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور في أول قمّة ثلاثية لهم على الإطلاق في واشنطن هذا الشهر.

كذلك تشير تقارير وسائل الإعلام اليابانية الأخيرة أيضاً إلى أن الولايات المتحدة واليابان تتطلعان إلى تعزيز شراكاتهما الأمنية مع المملكة المتحدة وأستراليا والفلبين من خلال تنظيم المزيد من التدريبات العسكرية المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

إن الأمر لا يتطلّب الكثير من البراعة لتقدير أن توسيع أوكوس- آلية التعاون العسكري التي تركز على منطقة “المحيطين الهندي والهادئ” والتي تضمّ أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة – إلى أوكوس الخماسية يعدّ خطوة أخرى نحو تشكيل اتحاد أمريكي-أمريكي بقيادة حلف شمال الأطلسي الهندي والهادئ، ومن المرجح أن تضغط الولايات المتحدة من أجل ضمّ الرباعية – وهي آلية التعاون الأمني التي تضمّ أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة – ولم تتردّد البلدان المعنية في أن يكون احتواء الصين هو السبب وراء توحيد قواها، ونظراً للصراع الذي تمكّنت الولايات المتحدة من إشعاله في أوروبا عن طريق حلف شمال الأطلسي بهدف إضعاف روسيا، فإن أجندة التحالف الجديد لا تبشر بالخير للمنطقة.

ومن المعروف أن الولايات المتحدة تصوّر مخططاتها على أنها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، أي دعم النظام القائم على القواعد، ولكن في الواقع لا يوجد شيء من هذا القبيل، وإنما مكائدها عبارة عن مكائد عصابات، وقد بالغت في تضخيم التهديد الذي تشكّله الصين، وهي الآن تروّج للحماية ونتيجة لذلك، أصبح الوضع في بحر الصين الجنوبي، الذي ظل هادئاً إلى حدّ كبير في السنوات القليلة الماضية، متوتراً على نحو متزايد منذ تولّى ماركوس منصبه كرئيس للفلبين، حيث أثبت استعداده لدفع الثمن الذي تطلبه الولايات المتحدة مقابل الحماية لمحاولات الخطف والاستيلاء التي تقوم بها الفلبين على وجه التحديد، وأن تكون الفلبين وكيلاً للولايات المتحدة في استفزاز الصين.

وقد شجّع الدعم الأمريكي السري والعلني مانيلا على استفزاز الصين بشكل متكرّر بشأن بعض النقاط الساخنة في المياه، مثل شعاب ريناي المرجانية وجزيرة هوانغيان، بقصد واضح للتسبّب في حادث يؤدّي إلى معاهدة الدفاع المشترك بين البلدين، وكان الطرفان يبالغان في إمكانية تفعيل المعاهدة في الأسابيع القليلة الماضية.

أما الصين، فقد أعلنت أنها تتمتع بسيادة لا تقبل الجدل على شعاب رينآي وجزيرة هوانجيان، ولديها المبررات الكاملة في الردّ على استفزازات مانيلا، مثل محاولاتها المتكرّرة إرسال مواد بناء لتعزيز السفينة الحربية التي أوقفتها عمداً على شعاب رينآي الصينية، ولكن مع الأخذ في الاعتبار أهمية السلام والاستقرار، ليس فقط للتنمية في الصين، بل أيضاً لتنمية المنطقة كلها، فإنّ ردّ الصين على الاستفزازات كان متحفظاً.

وفي حين أن الصين لا تسعى إلى القتال أو خلق المشكلات في بحر الصين الجنوبي، ينبغي أن يكون واضحاً لجميع الأطراف أنها لن تخضع للصمت والاستسلام، وبينما تحث بكين مانيلا باستمرار على حل النزاعات البحرية من خلال الحوار والمفاوضات، لا ينبغي لمانيلا وداعميها الغربيين أن يسيئوا تفسير ذلك ويقللوا من عزم الصين وقدرتها على حماية سيادتها وسلامة أراضيها.

ويجب على مانيلا أن تدرك أنها تسير على مسار تصادمي إذا استمرّت في مغامراتها غير الحكيمة وغير المسؤولة، فالسلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي يخدمان الأمن والتنمية والرخاء في جميع البلدان والتي ينبغي لها أن تتطلع إلى أوروبا لترى ما هي العواقب التي قد تترتب على شراء زيت الثعبان الذي تبيعه واشنطن وشركاؤها خارج المدينة.