ماكرون تحدّث بلسان حال “الحلف”
تقرير إخباري
ليس صحيحاً أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان يغرّد خارج سرب “الأطلسي” عندما تحدّث عن استعداده لإرسال قوات إلى أوكرانيا للمشاركة في الحرب هناك على روسيا مباشرةً، فالحلف عموماً يقوم باستخدام أوكرانيا منذ ثلاث سنوات في حرب بالوكالة على روسيا، ويزوّد النظام الأوكراني النازي بجميع أنواع الأسلحة التي لا يتوانى الأخير عن استخدامها ضد المدنيين، ويدعمه بكل الوسائل السياسية والإعلامية واللوجستية، وهذا كلّه يجعل تملّص أغلب المسؤولين الأوروبيين من تصريحات ماكرون تلك مجرّد مسرحية مكشوفة، وبالتالي يبدو واضحاً أن “الناتو” يدرس بعناية فرضية المواجهة المباشرة مع روسيا بعد السقوط الحتمي لأوكرانيا.
ومن هنا قيام رئيس الوفد الروسي إلى مباحثات فيينا حول الأمن والتسلّح قسطنطين غافريلوف بتأكيد استعداد روسيا لأي سيناريو في مواجهة قوات “الناتو” التي قد يرسلها الحلف إلى أوكرانيا، يأتي في سياقه الطبيعي، حيث تدرك روسيا هي الأخرى أن الحلف يتعامل معها على أنها الهاجس الأكبر لوحدته والخطر المحدق به بشكل واضح، وبالتالي ينظر إلى معركته الحالية مع روسيا على أنها معركة وجود، بمعنى أن وجود الحلف إلى جانب روسيا قوية سيؤدّي إلى تفكّكه وضعفه وانهياره، لذلك يسعى إلى إضعافها تأميناً لبقائه.
ولكن غافريلوف أكد أنه إذا قرّر الحلف ارتكاب “المحرمات” بإرسال قوات إلى أوكرانيا لاختبار قدرات روسيا، فسيتعيّن على استراتيجيي الحلف في واشنطن وبروكسل إدراك أن روسيا مستعدّة لأي تطوّر للأحداث.
وقال: “لقد حذرنا مراراً وتكراراً من أن تورّط “الناتو” المتزايد في المواجهة المسلحة المحفوف بصدام عسكري مباشر بين القوى النووية، مع كل ما يحمله ذلك من عواقب كارثية ستقع مسؤوليتها على عاتقهم”.
فتصريحات “الناتو” حول استعداده لإرسال عسكريين إلى أوكرانيا ليست سوى محاولة لـ”تحويل انتباه دافعي الضرائب عن تبديد أموالهم على نحو عبثي في الثقب الأسود للفساد الأوكراني، ومحاولة لإعداد الرأي العام لمصلحة إحياء اقتصاد الصناعات الدفاعية”.
وشدّد غافريلوف على أن سياسات “الناتو” تجاه روسيا ستؤدّي إلى تدهور كامل للوضع العسكري السياسي في أوروبا، وأن هذا “لا يمكن أن يستمرّ طويلاً”.
وكانت وزيرة الخارجية الفنلندية إيلينا فالتونين قد قالت مؤخراً: إنها “لا تستبعد إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا”، وذلك بعد تصريحات مماثلة للرئيس الفرنسي.
فالقضية باختصار أن هناك زعماء غربيين تعلّموا الدرس جيداً من واشنطن، وكيف عليهم أن يستثمروا في الثقب الأسود الأوكراني الذي يمكن من خلاله إخفاء كل صفقات الفساد تحت عنوان تقديم الدعم لأوكرانيا، وبالتالي تصبح جميع المعارك الدائرة هناك سبباً في صناعة الاستثمارات للساسة الغربيين الذي يستثمرون في دماء البشرية، من خلال صفقات السلاح، بينما هي في الحقيقة دمار وخراب وقتل وتشريد.
طلال ياسر الزعبي