“المكسر”.. أولى خطوات حمد الصالح الأدبية
السويداء- رفعت الديك
خطا حمد الصالح أولى خطواته على طريق الرواية عبر روايته “المكسر”، وهي رواية يقول عنها الدكتور كريم عبيد إنها تأخذنا في طرقاتها، وتشرّع أمامنا أبواب الذاكرة لتصبح مرآة نرى من خلالها الكثير من التفاصيل التي ألفناها، والمفردات التي ما نزال نردّدها وأصبحت من لا شعورنا الجمعي.
و”المكسر” كما يضيف عبيد هي ابنة بيئتها بامتياز، أمينة ومخلصة لقيمها وعاداتها وأخلاقها المتوارثة.
تتوهّج أحداث الرواية وتتصاعد شيئاً فشيئاً في دائرة الصراع بين “سعيد” و”صايل”، وتبلغ ذروتها كلما توغلنا أكثر في الرواية. أحداث كثيرة تتوالى، يمسك الكاتب بخيوط الحكاية بشكل جيد، وقلما ينفلت خيط من بين يديه، وتقودنا معه في رحلة مشوّقة وغنية.
كما تكشف الرواية عن الكثير من الصراعات الاجتماعية والخلافات التي تعصف بالمجتمع، وتشتّت شملَ أبنائه، وتزرع الشقاق فيما بينهم، لكن الكاتب ينتصر لقيم الحق والخير، ويحاول تأصيلها في هذه الرواية، وكأنها محاولة للوقوف أمام انهيار قيم المجتمع الراهن، وضياع الحقوق، وانكفاء الشرفاء على أنفسهم.
وينطلق الصالح بأحداث روايته من البيئة الريفية بسورية بشكل عام، والجبل بشكل خاص كبيئة غنية يجب الإضاءة عليها، حاملاً رسالة الحفاظ على الموروث الشعبي من خلال تصوير حياة الناس في الريف خلال فترة الستينيات ومحاربة الصراعات التي تؤدي إلى الشقاق والانقسام والتي يمكن أن تعصف بالمجتمع.
يقول الصالح إن الكتابة وخاصة فنّ الرواية يأخذنا إلى المجاهيل، ويجول في عوالم الشخصيات كمن يقصّ الأثر، والكاتب الذي يدخل إلى مكتبه ليكتب كالناسك الذي يدخل إلى معبده ليصلّي، فالكتابة وخاصة في الرواية مغامرة متعبة، لكنها ممتعة فيشعر بصبوة المكتشفين، ويركب خيولاً وردية ويشعل للغد فنارات جذلى وفي الظلام الحالك يوقظ النجوم لترعى هشيم القمر.