بروح رفاقية!
بشير فرزان
يتفق الجميع على ان الرفاق الأوائل من البعثيين تركوا لنا ليس مجرد تنظيم حزبي يمكن أن تستهلكه المراحل والمتغيرات الظرفية والتاريخية بل ارثا عربيا قوميا متكاملا بأفكاره وبنيته التنظيمية، حيث تغلب صفة التجدد والانبعاث في كل تفصيل فكري تنظيمي حياتي عاشها ويعيشها حزب البعث العربي الاشتراكي. وطبعاً، المرحلة النضالية التأسيسية، وما تبعها من مراحل، سواء في العمل السياسي أو حتى العسكري في مواجهة القوى الغاشمة والمتصهينة، والتضحيات التي قدمت في سبيل ذلك، تمنح البعثي اليوم كافة الصفات الوطنية والقومية التي شكلت وتشكل مصدراً للفخر والتميز في الحياة الحزبية. وهنا، قد تتبادر إلى أذهان البعثيين الحقيقين الكثير من اشارات الاستفهام عن واقعهم الحالي، ومدى التزامهم ببعثيتهم ووفائهم للمناضلين المؤسسين والمحاربين الذين لم يبخلوا بكل غال ونفيس في سبيل أهداف حزبهم، وكانوا سدأ منيعاً في وجه الهجمات البربرية المتلاحقة على بلدهم وامتهم.
ولاشك أن البعثية والالتزام باتا معياراً للأصالة النضالية التي يمكن من خلالها بعد 77 عاما من النضال التأكيد على أن حزب البعث العربي الاشتراكي لم تختلف أو تتبدل أهدافه منذ تأسيسه حتى هذه اللحظة، وهذه المسألة لا تقبل النقاش والتشكيك بها، كونها جوهر الفكر الحزبي البعثي. وتحت مظلة هذه الثوابت النضالية، تقبع حقيقة الدور الريادي في جميع المراحل والمحطات سواء في مسيرة الحزب أو في تاريخ سورية الحديث، ولكن ما يمكن الخوض فيه هو تلك المستجدات التي كشفتها الحرب عبر سنواتها المؤلمة في واقع الحياة الحزبية، وذلك الاختلاف الذي أصاب الروح الرفاقية التي تعرضت لانتكاسات عديدة، نظراً لتخلي البعض عن بعثييتهم، وعن التزامهم الحزبي الذي اقسموا عليه، فانجروا وللأسف وراء النزعات المتخلفة وتحزبوا في جماعات تعصبية، وحملوا السلاح ضد أبناء بلدهم، وهذا ما نسميه الكفر الحزبي والوطني بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
وطبعاً، من هذا الباب دخلت الاتهامات والانتقادات للواقع الحزبي الذي لا يمكن إنكار تعرضه لهزات عنيفة نتيجة تراجع الأداء وترهل الجهاز الحزبي وضعف الفاعلية على مستوى القواعد والقيادات القاعدية في فترات سابقة، إلا أنه في المقابل هناك حقائق أخرى يصعب تجاهلها، فقد كان الحزب حاضراً في الساحات والميادين، وكان الرديف الحقيقي للجيش العربي السوري، وقدم آلاف الشهداء، وكانت كتائبه البعثية في خندق المواجهة المباشرة مع الإرهاب، واستمر في أداء دوره السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري في الحياة البعثية الداخلية، وفي معركة الوجود بمختلف جوانبها ومساراتها.
بالمحصلة.. المآخذ التي لفح ويلفح بها البعض الحياة الحزبية والبعثية، سواء لجهة الواقع الحزبي الحالي أو المستقبلي، تتلاشى في هذه المرحلة التي يعيش الحزب فيها مساراً “تنظيمياً” جديداً لم يكن معهوداً من قبل. وقد استودعناه خياراتنا البعثية، لنجدد في حياتنا الحزبية والعامة أيضاً، بما يؤهل الحزب للنهوض في البناء المنشود للمجتمع والدولة، وهذا المسار التنظيمي يؤهّل بنجاحه المرتقب للجديد في مسار النظرية والتطبيق.
وما يتفق عليه اليوم حزبياً ومجتمعياً، وباليقين والإيمان الكامل، التجدد والحيوية ليس في حياة الرفاق البعثيين فقط، بل في ضمير ووجدان كل سوري شريف يمتلك الروح الرفاقية التي كانت في السنوات القليلة الماضية سبباً أساسياً في تعزيز الصمود الوطني، وستكون خلال المرحلة القادمة صانعة للمستقبل، وبانية لسورية الجديدة المتجددة. وهذا ما يحتاج إلى المزيد من العمل البعثي بآفاق جديدة لبناء واعمار سورية الحصينة المستقرة المتلاحمة وطنياً، والعصية على أعدائها مهما عظمت قوتهم وتعددت مؤامراتهم. وستبقى أهداف حزب البعث العربي الاشتراكي خالدة مهما كبرت الاستهدافات، وعظمت التضحيات التي لم يبخل بها كل من أمن بالأمة العربية الواحدة والرسالة الخالدة، وستبقى سورية حرة أبية موحدة شامخة كما عرفت بقوة جيشها الباسل وصمود شعبها وأهداف حزبها المقاوم الذي بقيت القضية الفلسطينية بوصلته النضاليه الحزبية والبعثية التي لم ولن يحيد عنها بقيادة الرفيق الأمين العام للحزب، السيد الرئيس بشار الأسد.