رئيس اتّحاد الكتّاب: في ذكرى تأسيس حزب البعث.. فرص النّهوض والتّطوير
نجوى صليبه
“بعد قرابة ثمانية عقود على تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، وبعد سلسلة من المحطات المفصلية في تاريخه، والتي أثبتت قدرته على التجديد ومواكبة الأحداث والوقوف في وجه التحديات الكبيرة، يبدو حزب البعث العربي الاشتراكي اليوم أمام واحدة من أهم المحطات الفاصلة في تاريخه، بعد الحرب الإرهابية التي شنت على سورية وبعد آخر مؤتمر قطري عقد عام ٢٠٠٥، ذلك أن ثمة الكثير من التغييرات والتحولات التي ضربت العالم وزلزلت بعض دوله والأحزاب فيه، لا بل إنها أنهت وجود بعض الأحزاب أو أضعفتها بشكل كبير”، يقول الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب، ويضيف: “أمام هذا الواقع تبدو الانتخابات الحزبية التي شهدتها المحافظات السورية كلها تقريباً، مؤشراً على حيوية حزب البعث، كما أن المشاركة الكبيرة في الانتخابات أثبتت بهاء حضور الحزب عند شريحة من الشعب السوري، وربما أكدت أيضاً رغبة شريحة أخرى بإحداث تغيير على مستوى الفكر والممارسة في بنية الحزب وعند قياداته المتسلسلة وكوادره”.
ويبين الحوراني: “من غير أن يعني هذا أن الانتخابات ظهرت كثيراً من المشكلات التي يعانيها الشارع البعثي خصوصاً والمجتمع السوري عموماً، لكنها مشكلات موجودة عند كثير من الأحزاب في العالم، ولاسيما عندما تنأى هذه الأحزاب بنفسها عن المراجعات النقدية الدورية، التي من شأنها أن تقوي الحزب وتزيده منعة وقوة وتحصيناً”.
ويتابع الحوراني: “اليوم وفي الذكرى الـ ٧٧ لتأسيس حزب البعث تظهر الحاجة الماسة إلى تطبيق سياسات حزبية مختلفة، سياسة تقوم على الإصلاح والانفتاح، وتحويل الأزمات إلى فرص لتحقيق التنمية العلمية والحزبية والسياسية والتربوية والتعليمية، وهو ما يجب أن تشتغل عليه الحكومة والحزب جنباً إلى جنب، بعيداً عن الرغبة بالوصول إلى هذا الموقع أو ذاك، وإنما انطلاقاً من الرغبة الحقيقية في بناء الوطن والمواطن، وهو ما لا يتحقق إلا بتفكير منظم وعقلاني واستفادة من التجارب التنموية التي تم الاشتغال عليها سابقاً، وجعلها متكئاً في مسار التنمية المستقبلي، وهي التنمية التي لا تتحقق من دون الوقوف على مطالب الشعب واحتياجاته، وعمل دؤوب للوصول بالمواطن إلى حياة جديدة تليق به وبتضحياته”، موضحاً: “وإذا كانت المطالب الشعبية قد تغيرت خلال عقود من تاريخ الحزب، فإن الثوابت المبدئية في فكر الحزب لايمكن أن تتغير، لأنها مستقاة من انتماء وأصالة ووطنية متجذرة عميقاً عند الغالبية العظمى من أبناء الشعب العربي السوري”.
ويؤكد الحوار: “إنّ الشعب العربي السوري الذي قطع مسيرةً متميزةً في مقارعة الاستعمارات كلها التي أرادت سلب حريته واحتلال أرضه وكي وعيه، وقارع أنواع الإرهاب كلها وهزمها بعزيمته وإصراره، قادر على النهوض وبناء الدولة الوطنية السورية، إذا ما توافرت القيادة البعثية الحريصة على محاربة الفساد وتقديم أصحاب العلم والاختصاص القادرين على التماهي مع الشعب والوقوف على احتياجاته الأساسية، وأعتقد أن ثمة إمكانية لتحقيق هذا الأمر عندما نحسن الاستفادة من الفرص الاستراتيجية المرحلية، وإذا تم التصدي بجرأة وشجاعة لمختلف التحديات، وقد أثبت حزب البعث في مرات عدة قدرته على هذا، فهل ستكون المرحلة المقبلة واحدة من المراحل المتميزة بعمقها وشعورها بالمسؤولية وانحيازها للوطن والمواطن أم ستشهد مزيداً من الفصام النكد بين الحزب والشارع من جهة، ومزيداً من الطلاق البائن بين مبادىء الحزب وأفكاره السامية من جهة، وبين ممارسات وسلوك بعض المتنفذين في حزب البعث من جهة أخرى؟ وما مدى إمكانية أن يعود الفكر والثقافة والمعرفة العميقة إلى جسد البعث الذي عرفت بداياته الأولى وجوها فكرية وتربوية وثقافية رائدة كانت، وما تزال، بصمتها حاضرة في أدبيات البعث ونظرياته وإن كانت بعيدة عن ممارسات وسلوك كثير من الرفاق فيه”.