مسؤوليات الجمعيات الخيرية
بشير فرزان
رغم كل الظروف والتحديات المعيشية الصعبة والضاغطة على حياة الناس إلا أن الحالة المجتمعية المتماسكة في شهر رمضان وما أفرزته من مبادرات خيرية تؤمن بعض الاحتياجات المعيشية، تساهم لحد معين في سد الثغرات وردم الهوة بين الدخل المتواضع للكثير من العائلات وبين واقع الحياة الفعلي.
ورغم بساطة ما يقدم ولكنه بحسب النتائج كافي لتجنب العوز والحاجة وتحقيق السترة التي كانت هدفاً مشتركاً بين الناس الذي يعتنقون فكرة (إذا كان جارك بخير فأنت بخير) .
ومن الضروري العمل على استثمار الحالة الايجابية التعاضدية التي نعتقد أنها تمثل الصورة الحية للمجتمع من خلال إيجاد علاقة تعاونية صحيحة بين مديريات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومؤسسات المجتمع الأهلي وخاصة في هذه الأيام المجروحة بالفقر وبشكل يؤدي إلى إيقاف النزيف الخيري المستمر الذي تسببه الاتكالية المفرطة على المؤسسات الخيرية التي تزداد مسؤولياتها نتيجة للحالة الانشطارية المتواصلة داخل المجتمع وتحديداً لجهة زيادة عدد المحتاجين وغياب المعايير الواقعية للفئة الأشد حاجة، فالطوابير الطويلة المتمسمرة أمام مقار الجمعيات الخيرية تدين الفقر وتشوه الحقيقة خاصة عند التدقيق في الهوية الاقتصادية المعيشية للحاصلين على المعونة والمساعدات المختلفة أو السلة الغذائية بغير وجه حق، والمقصود هنا أولئك المتخفين بزي الفقر والحاجة والذين باتوا بمساعدة بعض ضعاف النفوس أكثر وقاحة وحضوراً على أبواب الهيئات الخيرية لسرقة حصص الفقراء الحقيقيين تحت عنوان نازح أو متضرر وغيرها من التسميات رغم امتلاكهم لكافة مقومات الحياة الجيدة.
ولاشك أن تفاقم حالة الكسل المجتمعي وغياب الإدارة الناجحة للموارد العائلية بات المشهد الأقوى في الحياة العامة، وهذا مايفرض على الكثير من الناس التدقيق أكثر في تفاصيل يومياتهم وتوجيه البوصلة الحياتية المعيشية بشكل عقلاني نحو قراءة المستجدات و الحياة بشكل آخر واتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية التي تدور في فلك الاقتصاد المنزلي بكل أدواته وطرقه ابتداءً من العمل على تحويل منازلهم إلى منشآت إنتاجية صغيرة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مراحلها الأولى سواء الزراعي منها أو الصناعي الخدمي وذلك ضمن منظومة معيشية تعتمد على العمل الأسري الجماعي التي تحتال من خلالها على الواقع وبشكل يحقق الاستقرار المادي ومن ثم توسيع النشاط وزيادة الإنتاج والبحث عن تسويقه بالبيع المباشر أو عن طريق الوسطاء.
ولاشك أن الاستمرار بنهج الاتكال الكلي على إمكانيات المؤسسات المعنية والخيرية وما تقدمه للمواطن هو خطأ قاتل للجهود المبذولة في مشروع الإنقاذ المعيشي ومن الضروري تفعيل المبادرات الذاتية الإنتاجية داخل المجتمع بحيث يكون هناك عمل جماعي للخروج من أزمة الواقع المعاشي الحالي بأسلوب اقتصادي جديد ومتوازن ؟.