هل باتت مؤسسة ضمان مخاطر القروض بحاجة إلى ضمانات تكفل استمرار دورها؟!
دمشق-زينب محسن سلوم
كثر الحديث مؤخراً عن مخاوف حول تراجع دور مؤسسة ضمان القروض التي تعاني من ارتفاع نفقاتها مقابل محدودية إيراداتها، فضلاً عن عدم توفر مقر للمؤسسة، حيث بقي رأسمالها الذي حدد حين أحدثت المؤسسة في عام 2016 ثابتاً عند ٥ مليارات ليرة، بغض النظر عن كم التضخم الذي نمرّ به، فبالتأكيد هذا الرقم لن يسمح بدور فعال للمؤسسة في توفير الضمانات لتمويل المشروعات الصغيرة التي يفترض أنها ضمن أولى أولويات جميع الجهات الحكومية والإئتمانية على امتداد جميع قطاعات الاقتصاد.
مدير عام مؤسسة ضمان مخاطر القروض، الدكتور قيس عثمان بين لـ”البعث”، أن ضمان مخاطر القروض آلية ضرورية لتلافي المخاطر العديدة التي قد تنجم عن منح القرض والمتعلقة بعدم سداد المقترض لأقساط القرض في الوقت المحدد، وبالتالي يتم اعتماد ضمانات، وتلك الضمانات التي تتطلبها المصارف قد تكون عبارة عن كفلاء إذا كان مبلغ القرض صغير، أما إذا كان مبلغ القرض كبير فيجب أن تكون الضمانات عقارية أو أرض أو سيارة أو غير ذلك، ولكن تلك الآلية قد تحرم من لا يملك ضمانات من الحصول على قرض وتمويل مشروعاته التي ستبقى حكراً على المقترض الممتلئ، ومن هنا يتعزز دور مؤسسة ضمان مخاطر القروض لمساعدة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذين لا يملكون ضمانات كافية في الحصول على احتياجاتهم التمويلية، وذلك بهدف تحقيق عدالة التمويل.
وتساعد المؤسسة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على قروض سواءً بهدف إقامة مشروعاتهم، أو توسعة القائم منها، أو رفع كفاءتها الإنتاجية، الأمر الذي يساهم في زيادة دخل هذه المشروعات وزيادة فرص العمل والتشغيل في الاقتصاد الوطني عموماً.
كما لفت إلى أن دور المؤسسة في تعزيز دور المصارف في دعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحفيز المصارف على زيادة حجم القروض الممنوحة لقطاع المشروعات.
وحول تساؤلنا عن كيفية تمكين المؤسسة من ممارسة دور فاعل لدعم العملية الإنتاجية في ظل التحديات العديدة التي تواجه الاقتصاد الوطني، ولا سيما أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل أكثر من 95% من المشروعات في سورية، فقد بين الدكتور عثمان أن هذه النسبة المرتفعة لتلك المشاريع تعزز مسؤوليتنا تجاه الاهتمام بهذه المشروعات وتأمين متطلباتها الأساسية لتحقيق التنمية المرجوة في المرحلة المقبلة، حيث أن دعمها بالشكل المطلوب يسهم في حل جزء كبير من المشكلة الرئيسية التي تواجه الاقتصاد في الوقت الراهن، والمتمثلة بانخفاض الإنتاج، وخاصةً أن عدداً كبيراً من هذه المشروعات تعرّض للضرر أو التوقف بسبب الأزمة.
وأشار مدير عام المؤسسة إلى أن حجم التمويل الممنوح من المصارف العامة والخاصة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة الإنتاجية كان، وما يزال منخفضاً، مرجعاً السبب إلى ضعف الملاءة المالية لأصحاب هذه المشروعات، ومؤكداً أن عدد أعلب طلبات قروض أصحاب تلك المشروعات يتم إما رفضها، أو تخفيض المبلغ الممنوح لهم.
وأوضح أن المؤسسة تدرس بدقة الملف الائتماني لصاحب المشروع، وفي حال التأكد من وجود جدوى اقتصادية للمشروع، وجدية من صاحب المشروع تقدم المؤسسة ضمانتها للمشروع، وهذه الضمانة قد تصل إلى 75% من قيمة القرض، وبما لا يزيد عن 200 مليون ليرة للمشروع الواحد.
وأضاف: إن ضمان مخاطر القروض يمكن أن يكون أحد أهم الآليات المتاحة بيد الحكومة لتحقيق التنمية عبر التصدي لأهم التحديات التي تواجه أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وشدّد المدير العام للمؤسسة على أن كل أنواع المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، سواء كانت مشروعات زراعيةً أو صناعيةً أو سيّاحيّةً أو خدميّةً أو تجاريةً، أو مشروعات تنتج أو تستخدم الطاقات المتجدّدة، وكذلك المهن العلميّة، والحرف اليدويّة والورش ومشاريع رواد الأعمال يمكن أن تستفيد من خدمات المؤسسة، دون أن يكون لدى المؤسسة أي شروط خاصة لتلك القروض، باستثناء الشروط العامة التي تطلبها المصارف لمنح أي قرض لمشروع ما، مبيناً أن مؤسسة ضمان المخاطر تكتفي بأن يكون المشروع حاصلاً على التراخيص اللازمة لمباشرة النشاط موضوع القرض، ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وبالنسبة لواقع العمل في المؤسسة، نوّه عثمان بأن المؤسسة جاهزة لتلقي ودراسة كل طلبات ضمان القروض من المصارف، موضحاً أن المؤسسة منذ شهر أيلول من عام 2022 وحتى تاريخه أصدرت /122/ صكّ ضمان لمشروعات من مختلف القطاعات الاقتصادية، فيما بلغت قيمة القروض الممنوحة من المصارف والمضمونة من المؤسسة نحو 12.5 مليار ليرة، بمبلغ ضمان قدره نحو 5.2 مليار ليرة.
وتابع: نحن كمؤسسة راضون بالنتائج التي تم التوصل إليها حتى اليوم كمرحلة أولى، ولكن في الوقت نفسه يجب أن تقدم المؤسسة خدماتها لآلاف المشاريع خلال الفترة القادمة، ولا سيما أن هناك فعلياً آلاف المشاريع تحتاج إلى خدمات المؤسسة، كما أكد سعي المؤسسة لتوسيع خدماتها، حيث تم رفع سقف الضمان للمشروع الواحد من 100 مليون ليرة إلى 200 مليون ليرة، فضلاً عن نشاط المؤسسة بدأت المؤسسة في عقد ندوات في المحافظات التعريفية، والتواصل بشكل مباشر ومستمر مع الإدارات التنفيذية للمصارف لتفعيل اتفاقيات العمل وتذليل أي صعوبات، إضافة إلى الوصول إلى شريحة واسعة من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتزويدهم بالمعلومات المطلوبة للاستفادة من خدمات المؤسسة.
وأشار عثمان إلى أن المؤسسة تسعى حالياً للتواصل مع جهاتٍ منظِّمة وداعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لإبرام مذكرات تفاهم معها بغية الوصول إلى أكبر عدد ممكن منها وتشميلها بخدمات المؤسسة.
أما بالنسبة لخطة المؤسسة للعام الجاري، والرؤى، فقد أكد المساعي الحثيثة للتوسّع بنشاط المؤسّسة حتى تتمكن من أداء الدور الذي أناطه القانون بها، وتصبح في وقت قريب لاعباً فاعلاً ومؤثّراً في سوق التمويل السورية عبر مساعدة المصارف في زيادة حجم القروض الممنوحة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مضيفاً: لاحظنا أنه توجد رغبة كبيرة وحقيقة من جميع الجهات الإشرافية والوصائية لتفعيل عمل المؤسسة، وسوف نستثمر هذه الرغبة.
وتابع: كما تسعى المؤسسة إلى تفعيل اتفاقيات ضمان مخاطر القروض المبرمة مع المصارف، وتذليل الصعوبات التي تواجهها، وتنفيذ خطة تسويقية متعددة الجوانب بهدف التعريف بالمؤسسة والخدمات التي تقدمها.
وختم عثمان حديثه بالقول: إن مؤسسة ضمان مخاطر القروض وضعت على الطريق الصحيح، وسوف تتطور وتزدهر، رغم ما يواجهها من صعوبات مؤكدةً ومتنوعة خلال الفترة القادمة، فالمهم توصيف الصعوبات بالشكل الصحيح لتتم معالجتها بمساعدة الجهات الإشرافية والرقابية المسؤولة عن المؤسسة.