العطل الطويلة تتطلب استمرار الأعمال الإدارية تجنباً لتعطيل العمل
دمشق – لينا عدره
شدّد أستاذ الإحصاء التطبيقي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الدكتور حيدر عباس، على ضرورة إيجاد منفذ أو قناة لاستمرار العمل في أيام العطل الطويلة، يتمّ فيه إنجاز الاحتياجات والمتطلبات الضرورية تحت أي صيغة، تجنباً لموت الحركة الإدارية، مبيناً أن العطل الكثيرة تخلق نوعاً من الجمود، متسائلاً: ما المانع من أن يناوب موظف أو عدة موظفين في أيام العطل لإنجاز الإجراءات والمعاملات الضرورية مقابل أجر مدفوع، كأيام العمل الطوعي التي كانت تُطبق سابقاً، وكان العامل فيها يتقاضى أجراً أو مكافأة تشجيعية تعادل ضعف ما يحصل عليه في يوم العمل العادي؟
وأكد الدكتور عباس أنه، وعلى الرغم من اختلاف المعايير اليوم، يمكن أن نطبق هذا الأمر لمن يرغب، وخاصةً مع اضطرار الكثير من المواطنين لإعادة معاملاتهم من نقطة الصفر، بسبب التأخير الحاصل بسبب أيام العطلة الطويلة، وهو ما حصل معه شخصياً أثناء إنجاز معاملة له احتاجت “بيان راتب”، فاضطر لتبديل بيان الراتب سبع مرات في فترة قصيرة بسبب بعض التأخير نتيجة عطلة تجاوزت عشرة أيام، ومن ثم بسبب تعديل طرأ على الراتب استلزم تعديله من جديد.
وأشار الدكتور عباس إلى أن تقليص عدد ساعات العمل، أو إضافة يوم عطلة آخر في ظل الظرف الاقتصادي الحالي، يتطلّب حتماً إيجاد قناة ما تُسهِّل على المواطن إنجاز مستلزماتهم، ويفرض تحديث القاعدة المعلوماتية “داتا” التي تخفف من منعكسات انقطاعات العمل، إضافةً للتركيز على تحديث المنظومات التي تتيح تنفيذ بعض الإجراءات لإنهائها أثناء العطل الطويلة.
ونوّه عباس بأن كبار الاقتصاديين في العالم يؤكدون أن حضور الموظف إلى مكان العمل يعطي إنتاجية أكبر، علماً أنها معادلة يصعب تحقيقها في واقعنا وظرفنا الحالي، نتيجة التكلفة الكبيرة التي يتمّ دفعها، سواء تلك المتعلقة بالنقل، وخاصةً مع أزمة وندرة المحروقات، أو غيرها من المشكلات المتعلقة ببيئة العمل نفسه، مشيراً إلى أن المشكلة التي نواجهها اليوم متعدّدة الأوجه، لأن إضافة يوم عطلة آخر أو تقليص ساعات العمل سيؤدي لتعطيل مصالح المواطنين من جهة، كما أن هناك، من جهة أخرى، شريحة كبيرة من الموظفين يصعب عليها تمويل تكلفة الوصول إلى مكان عملها، والتي باتت مكلفة جداً حتى على المؤسسات نفسها، ما يجعل فكرة تطبيق القانون ومعاقبة من يتأخر عن العمل أمراً غير منصفٍ، وخاصةً من يأتون على حسابهم الخاص. وعلى عكس ما هو شائع، فإن تطبيق القانون بجموده وحرفيته في مثل هذه الحالات ليس بالأمر السليم أو المجدي، إضافةً إلى أن تطبيق فكرة العمل من المنزل، وخاصةً مع إمكانية إنجاز الكثير من المعاملات، قد تكون ممكنة، إلا أنها صعبة التحقيق بسبب افتقارنا للبنية التحتية المجهزة وللمُخدمات والكفاءات المطلوبة.
لذلك، يرى عباس أن المطلوب موازنة كلّ الكتل، وتوفير الشروط والمقومات المناسبة، وعلى رأسها التقانات القادرة على إنجاز العمل، ومن ثم يمكن اختصار ساعات العمل أو إضافة يوم عطلة آخر، أو حتى منح إجازات لعطل طويلة، كما هو حاصل حالياً، مؤكداً أن الحديث في الوقت الحالي عن الحكومة الإلكترونية في ظل هذه الظروف أشبه بحلم، وتطبيق يوم عطلة ليس إلا تضييعاً للوقت، ولا يعدو كونه خنقاً ليوم عمل آخر، على حدِّ تعبيره.