“سهرة مع أبي خليل القباني”على مسرح الزهراوي
حمص ـ آصف ابراهيم
قدمت مديرية التربية في محافظة حمص العرض المسرحي “سهرة مع أبي خليل القباني” (تأليف سعد الله ونوس وإعداد وإخراج محمد خير داغستاني) على خشبة مسرح الشهيد عبد الحميد الزهراوي، وذلك ضمن مشاركتها في مسابقة اليوم العالمي للمسرح التي أطلقتها وزارة التربية منذ خمس سنوات، حيث تقدم كل مديرية عرضاً ويتم اختيار ثلاثة عروض على مستوى القطر بالإضافة إلى جائزة أفضل ممثل طالب وأفضل ممثلة طالبة.
وسبق لمديرية التربية أن قدمت النص ذاته قبل خمس سنوات بتوقيع المخرج طالب الهماش.
ويعود زمن المسرحية إلى أواخر القرن التاسع عشر، وتدور أحداثها حول صراع تيارات التنوير التي كانت ممثلة بفكر أبي خليل القباني والتيارات الرجعية المناهضة للفن وإصرار القباني على إنشاء المسرح.
ويقوم العرض على تقنية المسرح داخل المسرح التي برع فيها ونوس الذي، غالباً،ما يتكئ على حوادث تاريخية لمحاكمة الحاضر بحوادثه وإرهاصاته، وكان سعد الله ونوس اختار مسرحية أبي خليل القباني “هارون الرشيد” التي استمدها من حكايات ألف ليلة وليلة لتكون منطلقاً لسرد بدايات للحركة المسرحية في سورية، من خلال استحضار “سهرة مع أبي خليل القباني”.
ونشاهد في العرض مستويين: المستوى الأول وهو مسرحية أبي خليل القباني “هارون الرشيد مع غانم بن أيوب وقوت القلوب”، وفيها يحاول ونوس استعادة جوهر العرض المسرحي كما كان يحصل في تلك الأيام، لأن القيمة الأساسية لتلك التجربة، في نظره على الأقل، لا تكمن في ريادتها فقط، وإنما في طبيعة العرض المسرحي كحدث اجتماعي، فالجدة والارتجال والاتصال الحي بالمتفرجين، كل ذلك كان يحوّل العرض إلى ظاهرة اجتماعية تخلق مناخاً جديداً في سهرات الناس، وتولد لديهم إحساساً خاصاً بجماعيتهم، أما المستوى الثاني للعمل، فهو التفاصيل الوثائقية والتاريخية التي تحكي قصة القباني منذ بداية تجربته المسرحية وحتى قيام الرجعية بإغلاق مسرحه وإحراقه، وهنا يحاول ونوس استخدام المشاهد القصيرة التي يشكل تتابعها مجرى الزمن ذاته.
بذل المخرج داغستاني جهداً استثنائياً في إدارة عرض يشارك فيه نحو ثلاثة عشر ممثلاً هاوياً، إلى جانب مشاركة فرقة الفنون الشعبية التي أدخلها ضمن العرض المسرحي لتضفي عليه نوعاً من الفرجة الممتعة، محاولاً مقاربة الزمن عبر الأزياء والموسيقا والمؤثرات الصوتية والحفاظ على روح النص بما يحمله من أفكار قد تكون عصية على مدارك الفريق التمثيلي في العرض، لكنهم استطاعوا بموهبتهم واجتهادهم إقناعنا بالعرض والتماهي مع الأداء عبر التجسيد المتقن والديالوج المتوازن والرصين.