ثقافةصحيفة البعث

ديب: الجلاء محصلة حقبة طويلة من النضال الوطني والكفاح الشعبي

حمص ـ عبد الحكيم مرزوق
قدم العميد الركن المتقاعد رجب ديب محاضرة بعنوان “جناحا نيسان.. ميلاد البعث وعيد الجلاء”، بحضور جمهور من المهتمين ومتابعي الأنشطة الثقافية، وذلك في قاعة الدكتور سامي الدروبي في المركز الثقافي العربي بحمص.
وقال ديب: “إن جلاء المستعمر عن أرضنا لم يكن بالحدث العادي في تاريخ أمتنا، فبالشهادة صنعنا الجلاء، ونفضنا الخنوع عن كواهلنا وإلى الأبد، وفي السابع عشر من نيسان عام 1946 وقف قاسيون على ذراع أمه دمشق، ينظر إلى كل ناحية من هذا الوطن بعد أن تطهرت من رجس الاستعمار الفرنسي الغاشم، فبالإصرار على المواقف والثبات على المبدأ وبذل الغالي والنفيس استعيدت الحرية وكان الجلاء الذي لم يأتي مصادفة، إنما تتويجاً لنضال شعب وأمة”.
واستشهد ديب بعدد من الثوار الذين قادوا النضال ضد المستعمر في مختلف الأراضي السورية، ومنهم الشيخ صالح العلي الذي قاد ثورة الساحل، وإبراهيم هنانو الذي قاد الثورة في حلب، ويوسف العظمة الذي قاد معركة ميسلون، وسلطان باشا الأطرش قائد ثورة جبل العرب والثورة السورية الكبرى.
ورأى ديب أن الجلاء جاء محصلة لحقبة طويلة من النضال الوطني والكفاح الشعبي ضد قوى الاستعمار والاحتلال الأجنبي، ولم يكن الجلاء نهاية نضالنا، بل كان بداية لمرحلة جديدة من الكفاح المرير ضد الغاصبين وغزاة القرن العشرين منذ أن بدأت شرذمة شذاذ الآفاق بالتوافد على ربوع فلسطين من كل أنحاء وأصقاع العالم مع أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين المتمثل بالعدو الصهيوني الغاصب الذي يهدف إلى إقامة “دولة إسرائيل” المزعومة التي تشكل الحاجز البشري بين مشرق الوطن العربي ومغربه لتحول دون تحقيق أي شكل من أشكال الوحدة العربية أو التضامن العربي، مضيفاً: “مهما تعاقبت السنون تبقى الوحدة العربية مقياس النمو العربي والتجزئة مقياس التراجع العربي، ولا حياة مع التجزئة، والجلاء لم يكن بالحدث العادي، لقد ضحت سورية بما لا يقل عن مائة ألف شهيد، ويعد رقماً قياسياً وقتها، ولم يسبق أن عرف التاريخ مثله، وسورية هي السباقة في الاستقلال، والرائدة في التحرر، والأنموذج في البلدان المستعمرة التي تسعى إلى كسر قيود الذل وتحطيم أغلال العبودية والاستعمار”.
كما تحدث ديب عن ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي قائلاً: “لقد حمل بعثنا في ميلاده مشروع أمة، وأهم وثيقة انبثقت عن المؤتمر التأسيسي الأول هي دستور البعث، ويبقى البعث أنقى حركة ثورية وطنية في الوطن العربي، وقد تبنى منذ نشأته دعم القضية الفلسطينية وطرح شعاره “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة” وهو الشعار المناهض للكيان الصهيوني والصراع معه صراع وجود وليس صراع حدود، وقد قاوم البعث بفكره ونضاله سلخ لواء إسكندرون، كما شارك بتحقيق الجلاء الوطني عام 1946، ودافع عن عروبة فلسطين عام 1948وتبنى القضية الفلسطينية كقضية مركزية منذ نشوئه، وساهم بتحقيق أول وحدة عربية مع الشقيقة مصر 1958، وقضى على بهلوانيات الفكر الانفصالي واقتلعه من جذوره من خلال ثورة الثامن من آذار 1963 وحقق قبلها ثورة 8 شباط في العراق الشقيق، وقام البعث بالحركة التصحيحية عام 1970، وانضم إلى اتحاد الجمهوريات العربية سورية ومصر وليبيا عام 1971، وخاض مع القائد المؤسس الخالد حافظ الأسد غمار حرب تشرين التحريرية، وجابه وقارع كل التنظيمات الإرهابية الظلامية بدءاً من “الإخوان المسلمين” إلى تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيين، ودعم كل أشكال المقاومة التي تناهض الكيان الصهيوني، ودافع عن عروبة لبنان ومنع تقسيمه وحقق المصالحة الوطنية في لبنان، ووقف بوجه كل المشاريع الاستسلامية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية واتفاقية “كامب ديفيد” واتفاق الإذعان في لبنان واتفاق “أوسلو” و”وادي عربة”.
وختم ديب محاضرته بالقول: “الجلاء لم يكن بمفهوم الشعب السوري سوى معركة متواصلة، بدأت بمقاومة الاحتلال الفرنسي وطرده من أرض الوطن، وتواصلت في العمق الجغرافي صموداً ضد الكيان الصهيوني، والدول لا تبنى على غير الجماجم وقد سقط منها الكثير في مقاومتنا ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، وكانت أساساً لنيل الجلاء جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض الوطن، ونضالنا مستمر حتى تحرير كامل التراب السوري نحو الجلاء الأكبر من حوافر الإرهاب وبراثن الاستعمار والصهيونية.