“مهرجان عيد الجلاء” فعاليات تحتفي بالوطن
حلب – البعث
احتفى فرع حلب لاتحاد الكتاب العرب، في مقره، بمهرجان الجلاء بالتعاون مع مديرية الثقافة ورابطة رجال الثورة السورية (1920ـ1946) المنطقة الشمالية بفعاليات متنوعة بين الرواية والنقد والشعر والتنقيب الأثري ومعرض صور ضوئي.
وافتتح المهرجان أول أيامه بقصيدة وطنية للشاعرة غالية خوجة بعنوان “أكفّن نبضي المتقارب”، تلتها ندوة “مقاومة الاحتلال الفرنسي في الرواية السورية”، قدمتها وأدارتها الأديبة سهى جودت، وبدأت الحديث فيها الدكتورة نسرين صالح عن الرواية وتمايزها عن التاريخ التوثيقي، مركّزة على القالب الزمني الدائري في رواية “العين والمخرز ـ داود أبو شقرة”، وكيف ظهرت الأحداث الناتجة عن فترة معينة يتفاعل فيها الماضي مع الحاضر برؤية مستقبلية، ومشيرة إلى روايات أخرى منها للكاتبة ناديا خوست، والكاتب عبد الكريم ناصيف، ومؤكدة أن الرواية التاريخية مزيج من الواقع والخيال وتهتم بالصياغة الأدبية مستفيدة من الأحداث الزمنية وحكايات أبطالها وشخوصها، وموظفة التوثيق ضمن النسق البنيوي تبعاً لزاوية رؤية كل كاتب.
بدوره، تساءل الأديب نذير جعفر، رئيس الهيئة الإدارية لفرع حلب لاتحاد الكتاب: “أين البيبلوغرافيا الكاملة للرواية السورية؟ وأين الرسائل الجامعية الخاصة بمرحلة الاستعمار الفرنسي؟ ولماذا نفتقد التوثيق في هذا المجال الهام؟”، متابعاً: “تقول الرواية ما لم يقله التاريخ، وهي ليست تاريخاً، بل إعادة إنتاج فني لهذا التاريخ، ضمن سياق تخييلي يتضمن الوثيقة ويخرج عنها، فنعيش مشاعر مراحل مقاومة الاحتلال الفرنسي مرة أخرى، ويقول الروائي ما لم يستطع المؤرخ قوله، ولذلك، لم تقدم الرواية السورية صور البطولة فقط، بل قدمت صور الخيانة أيضاً، مع تباين زوايا الكتابة اجتماعياً، سياسياً، وطنياً، فمثلاً رواية فارس زرزور “حسن الجبل” من أهم الروايات في هذا المجال، لأسباب عديدة، أهمها أن بطلها من عامة الناس، وظل على قيد الحياة، وعاشها ببساطة من دون التشدق بمواقفه وبطولاته، وهو شخصية حقيقية، بالإضافة إلى فنيات التضاد بين السجن والحرية والموت والحياة والمترادفات الأخرى مثل الحب والثورة وإعادة اكتشاف ما حدث من جديد.
وأضاف جعفر: “هناك أكثر من 60 رواية مهمة تناولت هذا الجانب، منها لكل من الأدباء حنا مينه، وألفة الإدلبي، وصميم الشريف، ووليد إخلاصي، وضياء قصبجي، ومأمون الجابري، وفايزة داود، وبيانكا ماضيّة، وكتّاب عرب منهم صبحي قمحاوي، وإسماعيل فهد إسماعيل، لكن، الملفت “نص التناص” بين رواية “قصر المطر” لممدوح عزام مع رواية “أعمدة الغبار” لمحمد رضوان والتي انبنت على محاكاة “قصر المطر” على صعيد الفضاء المكاني والزماني والأحداث والشخوص.
ومن المداخلات المهمة، ما قاله الدكتور فاروق أسليم، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتّاب العرب، يقول: “تكتب الرواية التاريخية لنا المتخيل والواقعي، ضمن شبكة من العلائق منها حياة الناس بجوانبها المتنوعة كالجانب الاجتماعي لدى الناس البسطاء لا المثقفين المؤدلجين، لأن البسطاء هم المعيار الأساس، فمثلاً، من طبيعة الفلاح التجذر في أرضه أكثر من غيره، لذلك، أتساءل كم عدد الروايات السورية التي تناولت هذه الثيمة؟ ولماذا غيّبنا في مناهجنا التعليمية والتدريسية والجامعية الجانب المظلم من الأحداث والشخصيات؟”.
ولفت أسليم إلى أن أول رواية كتبت في هذا المجال هي رواية “الثورة ـ رواية اجتماعية قومية”، كتبها اللبناني فريد مخلوف عام 1934 في حلب، ويقول عن ذاته بأنه سوري وحلب لديه أمّ المدن، ونشرت في دمشق عام 1936، وطبعت، أيضاً، قبل سنة، وتتضمن الوعي الوطني الإنساني الذي لا يفضل الارتباط بفتاة فرنسية.
بينما تساءل الأديب عبدو محمد: “لماذا لا نقول الحقيقة كاملة؟ وأين معركة التل الكبير التي أُسر فيها أحمد عرابي؟ ولماذا لم نبحث في كيفية موت يوسف العظمة؟ ولماذا كتب نجيب محفوظ بصراحة ووضوح في “الصباح والمساء” أن أولاد الفقراء قاوموا المحتل، بينما أولاد الأغنياء تعاونوا مع المحتل؟ لماذا لا نتكاشف مع الحقيقة؟”.
ولم يتوان الحضور عن التكاشف الشفيف، متسائلاً عن غياب الرواية الحلبية في هذه الندوة البانورامية، وغياب أبطال الثورة السورية والجلاء عن الرواية السورية ومنهم إبراهيم هنانو وصالح العلي وأبطال لواء اسكندرون؟.
نذكر بأن لقصائد كل من الشعراء محمود علي السعيد، أحمد العبسي، رولا عبد الحميد، غالية خوجة، تسنيم سلطان، ابتهال معراوي، عبد الحميد ملحم، أمسية محورها الفضاء الوطني وأحاسيسه المتناغمة مع التربة والشهداء والمحبة في مقر الاتحاد بشارع بارون، وندوة “مرويات شعبية عن ثورة الشمال (1920ـ1946)، بمشاركة كل من الأدباء طه هنانو، وهايل عويد، وممدوح الصرما، بالإضافة إلى فعاليتين في صالة تشرين، ومعرض صور بصرية بعنوان “مراحل الثورة السورية ضد المحتل الفرنسي” لنشاهد كيف تسرد اللغة البصرية ذكرياتها المتألمة والحالمة، وندوة “التنقيب الأثري في سورية فترة الاحتلال الفرنسي، بإدارة الأديب أحمد العبسي، ومشاركة كل من الدكتور حسان حاج يحيى، والمهندس الباحث عبد الله حجار.