صحيفة البعثمحليات

ألم يشبع نقاشاً ؟!

غسان فطوم 

عاد المعنيون في وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والتربية والاتحاد الوطني لطلبة سورية وغرفة صناعة دمشق من جديد لفرد ملفات التعليم التقاني على طاولة النقاش، وهذه المرّة تم التركيز على البرامج التدريبية لطلاب في المنشآت الصناعية. وبالرغم من أهمية التدريب في تنمية المهارات وصقل الخبرات، لكن ثمة أسئلة تفرض نفسها هنا: متى ننتهي من هذه النقاشات والخطط والمقترحات، فالمعاهد عمرها عقود من الزمن، والمفروض أن تكون قد تحولت إلى مراكز إنتاجية تؤمّن للطالب فرصة للتدريب، والعمل المنتج أيضاً وهو على مقاعد الدراسة.. أيعقل بعد كل هذه السنين أن نبقى نجتر ذات الأفكار ونعتقد الاجتماعات نفسها ونقيم ورشات العمل فقط لنؤكد على أهمية التشاركية بين الجهات المعنية في تأمين “جرعات” تدريبية وفرص عمل ؟!

نعتقد أن هذا النوع من التعليم أشبع نقاشاً، وغير مقبول أن نعاود في كل مناسبة للحديث عن وضع رؤية مستقبلية للمعاهد وبعضها بعمر النصف قرن، وكأنه تم إحداثها للتو!

هناك خطة استراتيجية وضعتها الحكومة منذ سنوات بهدف تطوير المعاهد التقانية، والاستفادة من الخبرات والمؤهلات لخريجيها.. لماذا لا نبني عليها؟

كان الأجدى بالمجتمعين الحديث عن أرقام وإحصائيات عن عدد الخريجين الذي تم  استيعابهم في سوق العمل سواء في القطاع الحكومي أو الخاص ومدى أهليتهم وجودتهم المهنية!

ترى.. هل قدر طلبة وخريجي تلك المعاهد أن يبقوا “الأبناء الضالين” لمنظومة التعليم العالي؟ فهم بنظرها ونظر المجتمع ما زالوا فاشلين دراسياً، مقارنة بطلبة الكليات العلمية الطبية والهندسية والعلوم الإنسانية، وهذا غير مقبول وغير لائق علمياً واجتماعياً، وتتحمل مسؤوليته الوزارات المعنية بالمعاهد، فمنذ بداية إحداث المعاهد لم يتم التخطيط بشكل استراتيجي سواء ما يتعلق بالمسلك التعليمي أو الوظيفي المتعلق بكشف متطلبات سوق العمل وحاجتها للخريجين الذين يشعرون أن كل شهاداتهم ومشاريعهم ذهبت سدى!

بالمختصر.. إن أردنا للتعليم التقاني أن يكون أحد المكونات الرئيسة لتنمية الموارد البشرية، علينا أن نغيّر شكل وآلية التعامل مع مخرجاته، فنحن نعيش في عصر التطور المعرفي والتكنولوجي الذي نحتاج فيه لفنيين ومهنيين من ذوي الكفاءة العالية أكثر من حاجتنا للشهادات الجامعية التي اتخم البلد بها وأصحابها بلا عمل!

اجتماعات المكاتب لا تجدي نفعاً .. احترموا خريجي المعاهد.. افتحوا أبواب المؤسسات لهم، فـ 85% من نهضة أوروبا قامت على أكتاف الفنيين والمهنيين من خريجي التعليم المهني والتقاني، بينما نحن ما زلنا نرمقهم بنظرة “دونية”، وكأنهم عالة على الجسم التعليمي!