سورية أمام مجلس الأمن: جرائم الاحتلال في الأراضي الفلسطينية لا تنفصل عن جرائمه في الجولان واعتداءاته المتكرّرة على الأراضي السورية
نيويورك-سانا
أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي إجرامه بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والاعتداءات المتكرّرة على الأراضي السورية جزء من سلسلة طويلة من أعمال العدوان والإرهاب قوبلت بعجز الأمم المتحدة عن تنفيذ قراراتها إثر الدعم الأمريكي، مشيراً إلى أن فشل مجرمي الحرب الإسرائيليين في النيل من إرادة الشعب الفلسطيني دفعهم إلى القصف بهذه الوحشية وارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب والسعي إلى تفجير الأوضاع في المنطقة بأسرها في تكريس لقانون القوة وشريعة الغاب.
وقال المقداد في بيان خلال الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن حول “الحالة في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية” ألقاه بالنيابة مندوب سورية الدائم السفير قصي الضحاك: أخاطب مجلسكم في وقت ترنو فيه أنظار الملايين حول العالم للأمم المتحدة، أملاً بأن تنهض بمسؤولياتها في حفظ السلم والأمن الدوليين، بما يستجيب لحالة الاستياء البالغ والألم العميق اللذين وحدا شعوب العالم والضمير الإنساني في مواجهة الإبادة الجماعية والفظائع الوحشية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف المقداد: إن ما شهدناه وما زلنا نشهده منذ أكثر من ستة أشهر من تصعيد إسرائيلي إجرامي في غزة، وما رافقه من اعتداءات متكرّرة على أراضي الجمهورية العربية السورية ودول عربية أخرى، ليس وليد اللحظة ولا “دفاعاً عن النفس” كما يزعم بعض رعاة “إسرائيل” وحماتها، بل هو استمرار لسلسلة طويلة من المجازر وأعمال العدوان والإرهاب التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي على مدى عقود، والتي قوبلت للأسف بصمت مجلس الأمن وعجز الأمم المتحدة عن وضع قراراتها ذات الصلة موضع التطبيق إثر دعم الإدارات الأمريكية غير المحدود لـ “إسرائيل”.
وأوضح المقداد أن الفشل الذريع لمجرمي الحرب الإسرائيليين في النيل من إرادة الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافهم العسكرية، دفعهم إلى قصف المدنيين بهذه الوحشية والدموية غير المسبوقة وارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والسعي إلى تصعيد الأوضاع وتفجير المنطقة بأسرها، في تكريس واضح لقانون القوة وشريعة الغاب على حساب أحكام القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت المقداد إلى أن ذلك اقترن بتعمد الإدارة الأمريكية شلّ مجلس الأمن ووقوفها ضد إرادة الأغلبية العظمى من أعضاء المجلس بشكل خاص وأعضاء الأمم المتحدة بشكل عام، من خلال استخدامها “الفيتو” أربع مرات للحؤول دون وقف إطلاق النار في غزة، ومنح مجرمي الحرب ضوءاً أخضر لمواصلة ارتكاب المجازر والتدمير والتهجير، مشيراً إلى أن الأكثر من ذلك هو قيام مجموعة من الدول الغربية بتشجيع “إسرائيل” على الاستمرار في ذبح الشعب الفلسطيني.
وجدّد المقداد إدانة سورية بأشد العبارات للعدوان الإسرائيلي الذي أدى حتى الآن إلى استشهاد أكثر من 35 ألف فلسطيني وإصابة عشرات الآلاف غالبيتهم نساء وأطفال، وقتل ما لا يقل عن 240 من عاملي الإغاثة الإنسانية بمن فيهم طواقم للأمم المتحدة، وتسوية أغلب مباني القطاع بالأرض بما فيها المشافي والمدارس وغيرهما من المنشآت المدنية، فضلاً عن التهديد باجتياح مدينة رفح المكتظة بساكنيها وبمئات الآلاف من المهجرين إليها قسراً.
وقال المقداد: تحمّل سورية سلطات الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة لها المسؤولية الكاملة عن التصعيد وتداعياته، وتطالب الأمم المتحدة بالعمل على وقف هذا العدوان ورفع الحصار، ووضع حدّ للتجويع الممنهج للفلسطينيين، ومنع التهجير القسري، وضمان مساءلة “إسرائيل” عن جرائمها، كما تطالب سورية بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وتمكين الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، وخاصة حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس، ونيلها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، معرباً عن إدانة سورية استخدام الولايات المتحدة “الفيتو” ضد مشروع قرار تقدمت به الجزائر الشقيقة لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتأكيدها أن منع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة لن يسهم إلا في إطالة أمد حالة غياب الأمن وعدم الاستقرار الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار المقداد إلى أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية لا تنفصل عن جرائمه في الجولان السوري المحتل، إذ تواصل “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال منذ أكثر من خمسة عقود، سياساتها العدوانية بحق أهلنا في الجولان، وارتكاب شتى الانتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ضدهم، كما تمعن في سياستها الاستيطانية التوسعية الرامية لتكريس الاحتلال وإطالة أمده، وفرض التغيير الديمغرافي عبر زيادة أعداد المستوطنين، ونهب الموارد الطبيعية، والاستيلاء على الأراضي وإقامة مشاريع ذات آثار خطيرة على حياة أهالي الجولان وسبل عيشهم، علاوة على استخدم الاحتلال أرض وأجواء الجولان السوري المحتل منصة لشنّ اعتداءات متكررة على الأراضي السورية، واستهداف المنشآت المدنية والأبنية السكنية، في انتهاك جسيم للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق فصل القوات لعام 1974.
وأوضح المقداد أن الاحتلال الإسرائيلي شنّ خلال الفترة الأخيرة اعتداءات هيستيرية طالت مناطق في دمشق ومحيطها ودير الزور وحلب وريفيهما والمنطقة الجنوبية، وأدّت إلى استشهاد مدنيين أبرياء وإصابة آخرين وإلحاق أضرار مادية كبيرة، مشيراً إلى أن الاستهتار الإسرائيلي بالمواثيق والمعاهدات الدولية بلغ حدّ استهداف مبانٍ دبلوماسية، وهو ما تجلى في استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق بعدوان جوي إسرائيلي أدى إلى تدمير البناء بكامله واستشهاد وإصابة كل من بداخله من إيرانيين وسوريين، إضافة إلى عدد من المارة، وذلك في تصعيد خطير وانتهاك جسيم للاتفاقيات والأعراف الدولية التي تكفل حماية المقار الدبلوماسية والعاملين فيها.
ولفت المقداد إلى أنه بالتزامن مع هذه الاعتداءات الهمجية على سورية، شنّت التنظيمات الإرهابية الموجودة في شمال غرب سورية وتنظيم “داعش” الإرهابي، هجمات على المدنيين والعسكريين، الأمر الذي يؤكد مجدّداً الترابط والتنسيق بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأدواته من الإرهابيين، مجدّداً تحذير سورية لـ”إسرائيل” ورعاتها من مخاطر سياساتهم العدوانية التي تدفع المنطقة نحو تصعيد شامل.
وشدّد المقداد على مطالبة سورية لمجلس الأمن بتحمل مسؤولياته ووضع قراراته ذات الصلة وفي مقدمتها القرارات 242 و338 و497 موضع التطبيق بما يكفل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة، وتأكيدها مجدداً على حقها المشروع في الدفاع عن أرضها وشعبها بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي.