إجهاد مائي…!!
وائل علي
صحيح أن شتاءنا الذي ودعناه بالشكر الجزيل و”الممنونية” لعطايا السماء، بما حملته من خيرات وموسم مطير غزير لم نشهد له مثيلا منذ سنوات طويلة، في طول البلاد وعرضها، لكن ذلك لا يعني أبدا أننا مستقرون مائياً، وأننا لا نعاني من شح وإجهاد مائي تظهر ملامحه وانعكاساته بشكل واضح وجلي، وضاغط مع أول تباشير كل صيف. وهذه هي جداول تقنين المياه القاسية، المعلنة وغير المعلنة، وضرورات الاستجابة التي يفرضها واقع الحال، تحكي قصة العطش الذي لا يفرق بين المناطق التي تنعم بهطل مطري تتجاوز معدلاته الألف مم سنويا، وبين المناطق المصنفة تحت يافطة فقر وشح المطر!!!
مع ذلك، لم تتمكن خططنا الحكومية ومؤسساتنا المائية التنفيذية والتوعوية، لأسباب عديدة، من حفظ هذه النعمة المهدورة التي تجعلنا نلج عتبة استقرار مخزوننا المائي، ونطوي صفحات التقنين المائي الذي تعيشه العديد من الأرياف والبلدات والمدن، بما فيها العاصمة، واضطرارنا لتنفيذ مشاريع موسمية لإرواء القرى العطشى بالصهاريج..
والمؤسف أننا نضيع ونهدر هذه الثروة المائية العذبة التي تقام لأجلها الحروب، ويشربها البحر بلا مقابل، وتحولها في بعض الأحيان من نعمة إلى نقمة؛ ومثالنا فيضان نهر الكبير الجنوبي، الشتاء الماضي، وتسببه بغمر مئات الهكتارات الزراعية العكارية الخصيبة، وتلف محاصيلها وبيوتها الزراعية المحمية وغرق وفناء أسرة من أربعة أشخاص…!! ولا نزال بعيدين عن شواطئ الأمن المائي الذي يقوم على إنجاز المزيد من السدود والسدات المائية، ورفع سوية الوعي المجتمعي الحريص على قطرة الماء.. ولأن جغرافيتنا الشرق متوسطية في مرمى وخضم الإجهاد المائي، ما يجعلنا بأمس الحاجة لرسم سياسات مائية صارمة حازمة تعجل في إنجاز المزيد من السدود ومشاريع المياه والإرواء، والتشدد في استصدار القوانين والتشريعات التي تنص وتشرعن فرض عقوبات قاسية بحق المستهترين بقطرة الماء، التي يقول الله تعالى عنها في كتابه العزيز “وجعلنا من الماء كل شيء حي”…
خلاصة الأمر.. إننا نعيش إجهاداً مائياً خطراً يتطلب أداء مختلفاً، على كل المستويات والصعد، يرتقي لواقع الحال ومستوى التحديات.. قبل فوات الأوان!!