مشكلتهم في سقوط إمبراطوريتهم الإعلامية
طلال ياسر الزعبي
لم يكَد يمضي الكثير من الوقت على قيام مجلس النواب الأمريكي بالموافقة على قرار يساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، حتى جاءت الإجراءات الأمريكية في مواجهة الاحتجاجات الطلابية التي اندلعت في أغلب الجامعات الأمريكية على الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة، لتفضح حقيقة المشروع الذي ساوى بين المسألتين.
فالصهيونية التي تدافع عنها واشنطن في “إسرائيل” هي المسؤولة عن هذه الإبادة، وبالتالي فإن الاحتجاجات التي خرجت في أغلب الجامعات الأمريكية الشهيرة، ومنها جامعات كولومبيا وتكساس ونيويورك، تطالب بالحرية لفلسطين وبإدانة الجرائم الصهيونية كانت أكبر استفتاء لرأي الشعب الأمريكي في الصهيونية، وإذا كانت الحكومة الأمريكية تساوي بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، فإنها بالقياس إلى ما فعلته في مواجهة هذه الاحتجاجات تساوي فعلياً على مستوى الجريمة المرتكبة بين السامية والصهيونية.
الاحتجاجات التي خرجت في العالم الغربي وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ليست فقط إدانة للجرائم الصهيونية، بل هي من جانب آخر تعبير عن تزايد الوعي في الشارع الغربي تجاه البروباغندا الصهيونية التي مورست عليه طوال العقود الماضية، بل هي نسف للرواية الصهيونية، فضلاً عن أنها كشفت حقيقة النفاق الغربي في مسائل أساسية كان إلى وقت قريب يتبجح بها كالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والتسامح، إذ أظهرت الوحشية التي تعاملت بها الشرطة الأمريكية مع الطلاب وأساتذة الجامعات حقيقة الديمقراطية الأمريكية التي تتعطل تماماً عندما يكون الحديث عن الصهيونية، فالديمقراطية هي ما يخدم “إسرائيل” فقط.
ومهما حاولت الإدارة الأمريكية أن تغطي الطريقة التي تعاطت بها مع المحتجين تحت عنوان حفظ النظام، فإن الحقيقة الماثلة أمام الجميع هي أن الصهيونية العالمية التي تمثلها الإدارة الأمريكية بقوة، لم تعُد تحتمل سقوط الرواية الصهيونية المدوّي أمام أعين العالم، وأمام المجتمع الأمريكي المغيّب بشكل عام، وهو ما ينبئ بسقوط إمبراطورية الإعلام الأمريكي والغربي المزيف بالكامل، وهي الحامل الرئيس لإمبراطورية القوة، وهذا بالضبط ما أثار الذعر في نفوس أصحاب القرار.