اقتصادصحيفة البعث

تجاهل مريب للتجارب الناجحة..!!

علي عبود 

لم تتمكّن وزارة الأشغال العامة والإسكان في العقود الماضية من تأمين المساكن لمحتاجيها، أيّ للعاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، ولا يبدو أنها في وارد فعلها في الأمد المنظور!
الغالبية العظمى من المساكن التي أنجزتها الوزارة، تماماً مثل مساكن الجمعيات التعاونية، اشترتها المكاتب العقارية أو المقتدرون مالياً، وإذا كان الحصول على مسكن شبابي من الأحلام القابلة للتحقيق بالنسبة لعدد قليل من المكتتبين ما قبل عام 2011 فقد تحوّل إلى حلم مستحيل حالياً أو في القادم من السنوات!
وبدلاً من الاستفادة من آليات تُخفّض كلفة الوحدة السكنية بنسب كبيرة، فإن الشغل الشاغل للمؤسسة العامة للإسكان التقيّد بشروط وتعليمات تعجيزية للمكتتبين ودفعهم لبيع دورهم لمن يملك المال!
ومن المهمّ أن تسعى وزارة الأشغال العامة إلى تطوير الأسس الموضوعة في آلية طرح المزادات العلنية لتحقيق خدمات الضواحي السكنية التي تمّ وضعها في الخدمة وتوفير الموارد المالية اللازمة لدعم عمل المؤسسة، ولكن الأكثر أهمية اعتماد آليات لتخفيض كلف الشقق في هذه الضواحي، لا بزيادتها كلما زادت مدة إنجازها!
والسؤال: هل الهدف من بيع العقارات الاستثمارية في الضواحي تنمية موارد مؤسّسة الإسكان أم تخفيض كلف الوحدات السكنية لصالح المكتتبين؟
ولا ندري كيف تضبط وزارة الإسكان السوق العقاري من خلال أسس وآلية طرح المزادات العلنية ولمصلحة من؟
الواقع يقول أن لا مساكن الوزارة، ولا مساكن الجمعيات التعاونية التي تخضع لإشرافها، في متناول من يحتاجها للسكن، وإنما تذهب إلى قبضات التجار أو القادرين على دفع ثمنها، وكل ذلك بسبب تجاهل وزارة الأشغال للاستفادة من تجارب ناجحة جداً بتأمين السكن بأسعار في متناول غالبية العاملين بأجر، وهو تجاهل غريب ومريب معاً!!

تعرف وزارة الأشغال جيداً أن بإمكانها بناء الضواحي السكنية بكلف أقلّ بكثير من تكاليفها وفق آلياتها المعتمدة منذ عقود دون أي تغيير جذري، والمثال الحيّ أمامها هو ضاحية الشام الجديدة، بل يمكنها تطوير التجربة لتصبح عمليات بناء الضواحي استثماراً مربحاً لمؤسسة الإسكان يتيح لها تقديم المساكن للمكتتبين بسعر يناسب دخلهم بأقساط طويلة الأمد، وبتقديم الخدمات الأساسية لهم مقابل بدل نقدي شهري!

الخلاصة: يجب أن يكون الشغل الشاغل لوزارة الأشغال توجيه مؤسسة الإسكان لبناء الضواحي السكنية استناداً إلى تجربة ضاحية الشام الجديدة الناجحة جداً، على الرغم من قيام حكومات سابقة بعرقلة هذه التجربة ومنع تكرارها مجدداً، سواء في دمشق أو مدن أخرى، ويمكن أن تكون الضاحية التي تبنيها محافظة دمشق خلف الرازي تجربة ناجحة أيضاً، لكن نتائجها لن تتضح قبل أن توضع بالخدمة الفعلية.